أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سلام ابراهيم عطوف كبة - النفط العراقي اليوم .. خطوة الى الامام وخطوتان الى الوراء















المزيد.....



النفط العراقي اليوم .. خطوة الى الامام وخطوتان الى الوراء


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 1858 - 2007 / 3 / 18 - 11:38
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الفيلسوف الألماني جورج هاغل: "تفيد تجارب ودروس التاريخ بأن الأمم والحكومات لم تتعلم أبداً أي شيء من التاريخ ولم تتصرف بناء على أي دروس استقتها منه".
"الشعب العراقي يجب أن يسأل فيما إذا كان التخلّي عن الإيرادات المستقبلية وتسليم السيادة على موارد العراق الطبيعية، يعتبران ثمناً عادلاً يريد دفعه."
• المدخل الى الدراسة
• خصخصة القطاع النفطي
• الشركات الاحتكارية العملاقة
• قوانين النفط والغاز الجديدة
• العقلية التبريرية المريضة واعادة تجربة دكتاتورية البعث بنسخة مجددة ملطفة
• التوصيات

• المدخل الى الدراسة
النفط هو المصدر الرئيسي للطاقة في العراق ، ويمكن الاستعاضة عنه بالغاز الطبيعي لتغذية بعض محطات الكهرباء ومصانع الأسمنت والمشاريع الصناعيـة الكبرى. وقد امتلكت عائدات النفط التأثير المباشر على ديناميكية الاقتصاد العراقي منذ خمسينيات القرن المنصرم لأنها أساس التمويل الاستثماري والصرفيات الحكومية ، وتوفر العملة الصعبة اللازمة للإيرادات والبرامج الإنمائية والنقد الضروري لحيوية الاقتصاد الوطني ، في الوقت الذي يحتل فيه العراق المركز الثاني في العالم من حيث الاحتياطي النفطي ، وحتى الأول بفضل الاكتشافات النفطية الجديدة . ولا تستطيع بلادنا أن تعمل بدون تأمين مصادر وقودية للتدفئة والتهوية والتبريد والإضاءة والنقل والصناعة ، وبدون تأمين المنتجات الوقودية للنقل ، وفى توليد الكهرباء. وتلعب السعات الحرارية والغازية المؤسسة مركز الثقل الرئيسي في اجمالي انتاج الكهرباء اليوم ، وقد تطور حجمها في الربع الاخير من القرن العشرين رغم بناء المحطات الكهرومائية. ويعتمد التوليدان الاهلي والتجاري في العقد الاخير كليا على الوقود الحراري لأنتاج الكهرباء.
للنفط اهميته الفائقة حيثما وجد في اية بقعة من بقاع العالم .. وللنفط العراقي اهميته المتميزة الاضافية لأعتبارات في مقدمتها تواجد منابعه بمنطقة ذات موقع استراتيجي وضخامة احتياطيه الثابت وجوده من الزيت الخام ، وقربه الى الاسواق المستهلكة نسبيا .. ولأعتبارات اخرى تتجسد في نوعيته ( Quality ) الجيدة وقرب آباره من سطح الارض اي رخصه بالنسبة للاسعار العالمية ، وكذلك بحكم رخص الايدي العاملة العراقية . لقد بقي العراق يحتل احدى المراكز المتخلفة في التقسيم الدولي للعمل لأعتماده الكلي في تجارته الخارجية وتوفير العملات الاجنبية اللازمة لتمويل الاستيرادات على النفط كسلعة رئيسية !. قبل عام من توليه منصب نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، أخبر ديك تشيني الذي كان يتولى آنذاك منصب رئيس مجلس ادارة شركة النفط "هاليبرتون"جمهورا من مدراء شركة نفط في لندن بأنه "بحلول عام 2010 سنحتاج نحو خمسين مليون برميل إضافي في اليوم..... ورغم تقديم العديد من مناطق العالم فرصا نفطية كبيرة، يبقى الشرق الأوسط بما لديه من ثلثي نفط العالم وأدنى كلف الإنتاج، يبقى المكان الذي يضم الجائزة الكبرى". وكانت وزارة الخارجية الاميركية قد اقدمت قبيل الاحتلال على مشاورات مع خبراء عراقيين واجانب، كما ظهرت في الصحف العالمية مؤشرات الخطط الاميركية التي تلخص بالاستحواذ على النفط العراقي وكذلك تحطيم منظمة اوبك وكسر ما يسمونه السياسة السعرية "الاحتكارية" لمنظمة اوبك. ومن هذه المؤشرات ماقاله ارجي دنهام مدير الشركة النفطية الاميركية العملاقة كونكوفيليبس Phillips Conco ، قبيل الاحتلال بفترة وجيزة "نحن نعرف اين تقع احسن الحقول النفطية العراقية وننتهز الفرصة للحصول على قسم منها". وكذلك تصريح شركة شيل بأن " غايتها هو وضع اساس وحضور مادي في العراق".
يؤكد تحليل اوضاع انتاج واستهلاك الطاقة في العالم ان استهلاك موارد الطاقة المختلفة سوف ينمو في الاعوام القادمة ارتباطا مع وتائر النمو الاقتصادي في مختلف البلدان .. لكن النفط سيبقى يلعب الدور الريادي في ميزان استهلاك الطاقة ، وستكثف العولمة الرأسمالية من اعتماد بلدان المركز على الطاقة المستوردة وخاصة النفط .. وستظل قوانين العرض والطلب ، والتضخم المالي والنقدي ، وزيادة دور بلدان المحيط في التطور الاجتمااقتصادي في العالم ، ومظاهر عسكرة الاقتصاديات والسياسات العدوانية وفعاليات الاحتلال الاجنبي ، ومواجهة الارهاب .. ستظل العوامل الاهم في تصحيح اسعار النفط والغاز باتجاه قيمها الحقيقية ! . ان مهمة بلدان المحيط ، وخاصة البلدان المنتجة للنفط ، على الصعيدين السياسي والاجتمااقتصادي لازالت تتمحور حول تصفية نفوذ الشركات الاحتكارية النفطية وليس العكس ، والقيام باعمال الاستثمار الوطني المباشر ، ووضع سياسة انتاج للنفط تسمح بحماية المكامن ، وتحسين معامل استخراج النفط ( Recovery Factor ) بشكل يضمن عدم اهدار الثروة النفطية. ان قضية تطور الطلب العالمي على الطاقة والاتجاهات والعوامل المتباينة المؤثرة في هذا التطور تتطلب من بلادنا انتهاج سياسة انتاج واستهلاك للطاقة قائمة على العقلانية والتخطيط .. اي سياسة برمجة انتاج ضمن المعايير الفنية والاقتصادية الاعتبارية لضمان الاسعار العادلة للنفط العراقي ولتأمين علاقات اقتصادية دولية متكافئة للعراق .
• خصخصة القطاع النفطي
دعى البنك الدولي الدولة العراقية وحكومات ما بعد التاسع من نيسان لرفع الدعم عن المشتقات النفطية وعن البطاقة التموينية وشبكة الرعاية الاجتماعية، بالإضافة إلى إعداد الموازنة الفيدرالية للدولة على أسس و معايير تلتزم بمبادئ البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية . ولأن العراق بحاجة إلى دعم البنك الدولي ومن وراءه كافة الدول التي ترغب بتقديم قروض أو منح إلى العراق ، ولأن الدولة هي المورد الوحيد لهذه المشتقات وتقدمها إلى المواطن بسعر مدعوم، ولكون المبادئ البريمرية سيئة الصيت قد حددت للعراق طريق الاقتصاد الحر بدلا من الاقتصاد المخطط الذي تقوده الدولة، وتجاوزا للمشاكل التي تحيط بهذه المشتقات في ضوء أزمة الوقود الحادة في البلاد ، شرعت الحكومة العراقية بسن جملة تشريعات وقوانين تمهيدا لخصخصة القطاع النفطي العراقي استهلتها بقانون استيراد وبيع المشتقات النفطية في 6 ايلول 2006... في الوقت الذي اكدت فيه القوى الوطنية والديمقراطية العراقية انه ينبغي لقوانين النفط والغاز الجديدة أن تركز على الطرق التي من شأنها الإدارة الوطنية المباشرة للصناعة النفطية. فللعراق تاريخ وخبرة عريقة في الاستثمار الوطني للنفط ، عطلتها حروب الدكتاتورية المبادة وسياساتها الحمقاء والمطلوب إعادة إحياء هذه التجربة وتجديد هذه الخبرة والاستفادة منها لاستغلال الصناعة النفطية لمصلحة تقدم البلاد واقتصادها ورفاه شعبها. وكذلك " على القوانين أن تؤسس المؤسسات الوطنية التي ستنفذ هذا التوجه بإعادة إنشاء شركة النفط الوطنية العراقية وغيرها من الشركات المتخصصة الوطنية." وينبغي أن لا تبتعد هذه القوانين في توجهاتها عما اختزنته التجربة العالمية من دروس وخبر في الاستثمار النفطي وما يتطلبه بالأساس من إستنفاد القدرات الوطنية في إنتاجه وتصديره وتسويقه وتصنيعه وإذا كان ثمة حاجة للاستعانة بالخبرات العالمية، فعلى السياسة النفطية السليمة ان تتوجه الى عقود الخدمة بأشكالها وملموسياتها المحددة والمعروفة أولا وقبل كل شيء، بدلاً من التقيد بالعقود التقليدية البالية او المشاركات غير المبررة."
يعتبر التاسع من نيسان عام 2003 عيدا وطنيا لأنه شهد سقوط أعتى الدكتاتوريات في الشرق الأوسط الا انه ليس العيد الوطني الوحيد في العراق . جوهر مفارقتنا أن هذا التاريخ شهد ايضا دخول القوات الأميركية العاصمة العراقية والشروع بالاحتلال المباشر لتمر البلاد بالمرحلة الاستثنائية - الانتقالية او الكارثة الوطنية بعينها. لم يسقط النظام ولكن ايضا سقطت الدولة وانهارت، وادى فقدان الحكم الى اعطاء سلطات كبيرة الى المحتلين . وتسعى الولايات المتحدة في احتلالها العراق ضمان الهيمنة على النفط العراقي وفرض نظامها الأمني في منطقة الخليج وابقاء المنطقة سوق للسلاح الاميركي والهيمنة الأقتصادية الأميركية ، وفي سبيل أن ينخرط العراق في عملية التسوية العربية - الإسرائيلية وان تفتح أبوابه على مصراعيها أمام الرساميل الاجنبية، والسيطرة على الأسواق العراقية وتأمين أن تمتلك الأستثمارات الأميركية حصة الأسد في عملية إعادة بناء اقتصاد العراق . وقد حدد بول بريمر ثلاث شروط لتحقيق النمو الأقتصادي في عراقنا :
 إعادة توزيع إجمالية للموارد والأفراد بابعادهم عن سيطرة الدولة الى المؤسسات الخاصة
 تعزيز التجارة الخارجية
 تحشيد الرأسمال الوطني والأجنبي
تبدو جليا خطة بريمر في تشجيع القطاع الخاص على اعادة توزيع الموارد وتقليص وحتى الغاء الدعم للقطاع العام والسلع الأستهلاكية والضرورية للمواطنين بهدف زيادة الضرائب ورفع الأسعار وخفض القدرة الشرائية للمواطنين، واطلاق حرية السوق، واقحام اختراق الرأسمال الأجنبي لزيادة أرباحه وبالتالي خلق الخلل في الميزان التجاري لصالح الاستيراد على حساب التصدير والغاء دور السلطة في توجيه الاقتصاد ، وافقار الشعب ، والغاء دور الطبقة الوسطى ، وارساء أسس سيطرة حفنة من الأثرياء وحرامية القطط السمان على مقاليد الأمور. قال " بريمر" في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في سويسرا " ان هدفنا الإستراتيجي في الشهور القادمة هو تحريك سياسات تؤدي إلى نقل الأشخاص والموارد من المؤسسات الحكومية إلى المؤسسات الخاصة الأكثر إنتاجيةً. وسيكون أحدَ البنود الأساسية لهذه العملية إجبارُ المؤسسات الحكومية على مواجهة ضوابط مالية صعبة، وذلك بتخفيض تقديم الإعانات والصفقات الخاصة لها ".بجلاء تهدف البريمرية تحويل العراق الى سوق حرة مفتوحة للبيزنس و بيعه بالخصخصة أي ليس اعمارا ( إعادة البناء ) بل نقض بناء . فالبريمرية باختصار رهن و بيع لممتلكات الشعب العراقي و مستقبل العراق للشركات الأمريكية أو لعراقيين يعملون كواجهة لشركات أمريكية.. بينما تستخدم البنوك الأمريكية ودائع العراقيين لتسليف الحكومة العراقية و جني الأرباح و الفوائد.
عندما غادر الرئيس السابق لسلطة الإئتلاف المؤقتة بغداد بعد مراسيم "نقل السيادة"، في حزيران 2004، خلف ورائه 100 قرار كان قد صادق عليها بصفته رئيس سلطة الاحتلال في العراق ، ولم تكن جزء من مباحثات بين حكومات ذات سيادة . والجهة التي اصدرت القوانين لم تعبر عن ارادة الشعب العراقي. هذه القرارات – القوانين في الحقيقة هي جزء من عملية التحويل الشامل لاقتصاد العراق المُحتل لترسيخ الاحتلال على طريق الليبرالية الجديدة. أن عملية التحول هذه لا تستتبعها فقط كنتيجة حتمية، تبني تلك القوانيين النفعية فقط وانما كذلك ايجاد المؤسسات التي سترسم الطريق الى نظام السوق الحر. احد هذه القوانين المتميزة هو القانون المثير للجدل رقم 39 الذي اسس لهيكلية الاقتصاد العراقي من خلال اعطاء المستثمرين الاجانب حقوق مساوية للعراقيين فيما يخص استخدام الاسواق العراقية المحلية. ان كل هذه القوانين معا، والتي تغطي تقريبا كل مجالات الاقتصاد، ومن ضمنها نظام التجارة العراقي و التشريع الخاص بالبنك المركزي والقواعد الخاصة بانشطة النقابات ..الخ- تضع الاسس اللازمة لهدف الولايات المتحدة الكبير لبناء نظام في العراق على نمط الليبرالية الجديدة ، و " تحول العراق من الاقتصاد المركزي المخطط والغير شفاف الى اقتصاد السوق الحرة المتميز بالنمو الاقتصادي القوي من خلال تاسيس قطاع خاص ديناميكي، والحاجة الى اصلاحات تشريعية وقانونية لتثبيتها كواقع" .وتقوم الوكالة الامريكية للتنمية الدولية بالدفع باتجاه هذه الاصلاحات. ان عمليات اعادة الهيكلة لا تهدف بالضرورة الى اعادة بناء الامكانيات والاقتصاديات المحلية ولكنها بصدد مساعدة الشركات المعتمدة من قبل قوى الاحتلال لزيادة فرصها في اسواق العراق .فالاطار القانوني الذي وضعه بريمر يضمن بقاء الهيمنة الاقتصادية الامريكية على الاقتصاد العراقي حتى بعد مغادرة القوات الامريكية في يوم من الايام.
لم يكن خافيا على أي من المتتبعين للشأن العراقي أن النفط شكل أحد ركائز ودوافع العمل العسكري الذي تزعمته الولايات المتحدة الأمريكية ضد العراق والذي انتهى باحتلال العراق كليا الى جانب العنوان العريض لنشر الديمقراطية والقضاء على النظم الدكتاتورية المتبقية في العالم.. ومن الطبيعي أن ينصب الجهد الرئيس بعد ذلك كله على ترتيب مقدمات إلغاء كل قوانين النظام السابق في مجال السيطرة الوطنية على قطاع النفط باعتباره المصدر الأساس للدخل القومي في العراق ابتداء من تعويم آلية الأسعار مرورا بإهمال عملية تحديث البنية التحتية لقطاع النفط وزيادة حجم الاستثمار فيه لرفع الطاقات الإنتاجية بدواعي التردي الأمني الشامل في البلاد وعدم توفر الموارد المحلية اللازمة لتمويل مثل هذا العمل خصوصا وأن الجزء الأعظم من دخل العراق من صادراته النفطية الحالية يذهب إلى تسديد ما بذمته من ديون مترتبة على وارداته من المشتقات النفطية القادمة من الخارج ، وتغطية الإنفاق المتزايد على قطاع الأمن المفتقد وبشكل مطرد وصولا إلى البحث عن بدائل مناسبة للنهوض بهذه المهمة الكبيرة التي تتطلب رؤؤس أموال ضخمة وتكنولوجيات رفيعة المستوى لا تتوفر إلا عند شركات الاحتكار النفطي والتي ستكون أمريكية في معظمها طبعا.
تحتاج الخصخصة ويستلزم القطاع الأهلي الشروط الموضوعية لانجاح نشاطاته وليتحول الى مكسب داخلي بينما تتطلب إدارة القطاع العام كي يتحول الى ملكية عامة السلطات التمثيلية والدستورية والمؤسساتية المدنية والإعلام الجاد . والمهم في جوهر العملية الاجتمااقتصادية هو تحديد حقوق الملكية وطبيعتها واتباع الإجراءات اللازمة وعبر الدولة والمؤسساتية المدنية لحماية حقوق الملكية والعناصر الاقتصادية وتسهيل مهمتها وخلق التوافق والانسجام بينها وسد نواقص وثغرات العملية الاقتصادية.وهذا يستلزم في المقدمة إقامة المؤسساتية المدنية لأنها ليست بالبدعة الغربية واللعبة او دليل الإحباط ومجرد قصور في الفهم . فالمجتمع المدني ضرورة لا يمكن اعتراضها إلا إذا أردنا الإطاحة بالدولة في صيرورة تكونها الى سلطات الولاءات دون الوطنية بين أحضان الفساد والطائفية والطفيلية‍‍!.
لا يعني اعتماد آليات السوق إطلاقا خصخصة او تأجير القطاع العام او الخضوع لوصفات البنك الدولي والمؤسسات الرديفة .. بل هو اعتماد آلية العرض والطلب لتحديد قيم السوق والخدمات المتبادلة في السوق وتوزيع الموارد المتاحة بين القطاعات الاقتصادية . ولا يلغي اعتماد آليات السوق وظيفة الدولة التي تتحكم بالسياسة النقدية والمالية وتحد من تقلبات الأسعار في سبيل مرونة السوق ، وتأمين توازن ميزان المدفوعات ، واليقظة من التوغل الاحتكاري ، وتأمين مستلزمات المنافسة الاقتصادية المشروعة … ، وبسط سيادة القانون في حسم النزاعات التعاقدية .
ليست بيروقراطية القطاع العام والإدارات الحكومية اقل ثقلا من مخاطر القطاع الخاص والخصخصة في تشويه معدلات النمو ، بينما يظل القطاع المختلط كما اسلفنا حالة تجميعية عشوائية لعناصر العملية الاقتصادية بغض النظر عن تناثرها فهو يعكس المصالحة الكمية وليس التحشيد النوعي للطاقات والامكانيات على كل الاصعدة ، في سبيل النهوض بالاقتصاد الوطني ... وكل ما يواجهه وسيواجهه القطاع العام من معضلات مفتعلة ليست من طبيعته ومعظمها من مخلفات الادارات المركزية للنظام البائد وهي ادارات براغماتية تابعة للجهاز المركزي البيروقراطي الفاسد وقد لاح اجزاء واسعة منها العفن بسبب النشاط الطفيلي الابيض والاسود. ويغلف الطابع السياسي الاجتماعي دور القطاع العام بينما يقف طابع الربحية في خلفية النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص والأهلي والتجاري دون ان يعني ذلك ضياع الدور الوطني للقطاع الأهلي. وتؤكد العقلانية إمكانية اختراق الاستثمارات الأجنبية والنفوذ الأجنبي القطاع الخاص وذلك اسهل من اختراق القطاع العام . وعادة تكون ملكية المؤسسات المباعة للقطاع الخاص عالية التمركز . ويبقى العدد الكلي لأصحاب الأسهم والمتعاملين في سوق الأسهم صغيرا.
يمكن تقسيم طرق وصيغ عقود مشاريع تطوير الحقول النفطيةالى ثلاث انواع تاريخيا:
 الامتياز Concession
 عقود اتفاقيات مشاركة الانتاج Sharing Production Agreement
 الصناعة المؤممة وتشمل عقود الخدمة مع المجازفة Risk Service Contract، عقود شراء المباع Buyback Contracts، عقود التطوير والانتاج Development & Production Contracts
عقود الامتياز كانت هي جوهر جميع الاتفاقيات النفطية الاستغلالية في الشرق الاوسط النصف الاول من القرن العشرين ( انظر : عقود استغلال جمسة والغردفة ومناطق نفط رأس غارب وسدر ووادي فيران والاتفاقيات مع شركة آبار الزيوت المصرية وشركة كونورادا المتحدة الاميركية في مصر ، اتفاقيات النفط السعودية مع ستاندرد اويل (كاليفورنيا) وارامكو وباسفيك ويسترن اويل كووربوريشن واتفاقيات مناصفة الارباح ، الاتفاقيات النفطية مع شركة النفط التركية والعراقية وشركة استثمار النفط البريطانية المحدودة وشركة نفط البصرة وشركتي نفط خانقين ونفط الرافدين ، واتفاقيات مناصفة الارباح في العراق ).
في عقود اتفاقيات مشاركة الانتاج يعتبر النفط ملك الحكومة عندما يكون في المكمن، وكذلك يعتبر ملك الحكومة عند الانتاج ولكن "شكليا" لأن للشركة حصة فيه عند استخراجه. تعطي اتفاقيات مشاركة الإنتاج مظهرا للسيادة على الموارد الطبيعية ، حيث توصف الدولة على أنها " مالك " الموارد، وأن الشركة الأجنبية هي "متعدها" .في الواقع، يقرّ غالبية محللي صناعة النفط بأن شروط العقد يمكن أن تُكتب ليكون لها ذات التأثير مثل الخصخصة التقليدية، حيث تُعطى الشركة سيطرة إدارية وأرباحاً ضخمة. وتدوم اتفاقيات مشاركة الإنتاج عادة لثلاثين أو أربعين سنة أو حتى أكثر، بينما تزرع حقيقة بذور الصعوبات الاقتصادية والسياسية لعقود مستقبلية. إن التأثير الأكثر وضوحاً لهذه الاتفاقيات هو أن الدولة تحصل على إيرادات أقل حيث أن الشركات الأجنبية تحصل على حصة من الإنتاج. وتكون الكلفة المترتبة على الاقتصاد الوطني المعني خلال فترة العقود مئات مليارات الدولارات. إن إعطاء حصة كبيرة من النفط يمكن أن يؤثر تأثيراً كبيراً على برامج الصحة، والتعليم، والبنية التحتية العامة.
العاقبة الثانية تكون تأثير هذه الاتفاقيات على القوى العاملة. ففي حين أن المشاريع التي يملكها القطاع العام تشمل التوظيف أو تطوير المهارات الوطنية كجزء من أهدافها، فان الهدف الوحيد للشركات الخاصة هو زيادة الأرباح إلى أقصى حد ممكن. وتقوم شركات النفط الدولية بتحقيق هذا الهدف بثبات عن طريق تخفيض حجم القوى العاملة لديها. كما أن هذه الشركات تجلب كثيرا من عمّالها من الخارج. ومع أن الحكومة قد تفاوض على إدراج نسبة معينة من العمال الوطنيين المحليين في عقود اتفاقيات مشاركة الإنتاج، عادة ما يقوم الأجانب بالأدوار الفنية والإدارية. وهكذا يُترك اهل البلاد لملء الوظائف ذات الرواتب المنخفضة والمهارات المتدنية. علاوة على ذلك، تكون للشركات حق السيطرة على معدل إنتاج النفط.. تحتوي اتفاقيات مشاركة الإنتاج " شروط الاستقرار"، مما يجعل الشركات محصنّة بشكل فاعل ضد أي تشريع أو أنظمة مستقبلية. ونتيجة لذلك، تجد الحكومات في المستقبل نفسها مقيدّة لمدة أربعين سنة قادمة وغير قادرة على سنّ قوانين أو سياسات جديدة. إن منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان وصفت هذه العقود على أن لها " تأثيراً رهيباً " على حقوق الإنسان، مما يعني أن فقدان الحوافز المالية من المحتمل أن يثني الحكومات عن سنّ سياسات تقدمية عن حقوق الإنسان . وهكذا تدعّي اتفاقيات مشاركة الإنتاج بأنها تحافظ على السيطرة الوطنية، بينما هي في الحقيقة تعطيها للشركات الأجنبية – في الواقع تقوم بالخصخصة من الباب الخلفي. " كريج موتيت / خصخصة النفط من الباب الخلفي"
كان القانون المدني العراقي عام 1951 انعكاس للرؤية الآيديولوجية للملكية نحو القطاع الخاص . وقد أجهضت ثورة تموز 1958 هذا القانون . ان الحقول المكتشفة منذ صدور قانون رقم (80) لسنة 1961 والذي امم جميع الاراضي غير المستغلة من قبل الشركات في حينه ، قد تم اكتشافها وتقييمها بايدي عراقية لوحدها أو بالتعاون مع الشركات الروسية والفرنسية وعدد آخر من الشركات الاجنبية من خلال عقود خدمة فنية اعتيادية.. كان للسياسة النفطية المستقلة التي أختطتها حكومة ثورة تموز 1958 ،النموذج الذي أنتهجته اغلب الدول النامية منذ ذلك الوقت والذي توج بالقانون الوطني رقم( 80 ) الذي كان الموضوع النفطي الرئيسي الذي اثار في حينها اهتمام عالم النفط بعد تأميم صناعة النفط في ايران عام 1951 .. وقد اعادت الدول النفطية في منطقة الخليج العربي ودول في شمالي أفريقيا واميركا الللاتينية، اعادت النظر و التفاوض مع شركات النفط العاملة في بلدانها، حول حقوقها الوطنية في ثرواتها من النفط والغاز متأثرة بالسياسة النفطية الوطنية العراقية. لقد حاولت " اتفاقية بغداد" التي قـُبِرت في مهدها اواخر الستينيات الالتفاف حول قانون رقم (80) واشراك الشركات الاجنبية مجدداً.
في هذه الفترة كان الخط تصاعديا لصالح قطاع الدولة . وقد برزت محاولات جادة اعوام 1964 – 1968 لاستنزاف قطاع الدولة من الباطن ، إضافة إلى منح إجازات استيراد لضباط عسكريين كانوا يبيعونها بدورهم إلى آخرين ...وإلى مقاولين مع إعفاءات جمركية سخية لقاء بنائهم المساجد التي تميزت بالنهب الكبير.
حولت قوانين تأميم شركة نفط العراق المحدودة رقم 69 لسنة 1972 والتأميم اللاحقة سنة 1975 شعار النفط مستعبد الشعب العراقي الى النفط في خدمة الشعب العراقي .. رغم اجراءات الدكتاتورية البعثية في التفريط بالثروات النفطية طيلة الربع الاخير من القرن العشرين .لقد اسهم تأميم النفط العراقي على اقدام الاوبيك نهاية عام 1973 لأول مكسب حقيقي في تاريخها وهو التصحيح الجذري لسياسة اسعار النفط لمعالجة العلاقات الاقتصادية القائمة بين المراكز والمحيط الرأسمالي . وكانت الفترة اللاحقة- وحتى بداية الحرب مع إيران عام 1980- من أكثر الفترات نجاحا في تاريخ العراق حيث تزايد إنتاج النفط لأكثر من الضعف، وانطبق الحال على قاعدة احتياطي البلاد من خلال عدة عمليات استكشاف كبرى ناجحة. يقينا ان نهج الدكتاتورية الصدامية في الركض وراء الحلول الاقتصادية السريعة الآنية وانتهاج سياسة المشاريع الجاهزة ومنشآت تسليم المفتاح والتنمية الانفجارية … تسبب في الأبعاد التأزمية للتوجهات التوفيقية والبراغماتية والشروع ببرامج الخصخصة في حينها .. كما أدخلت العائدات النفطية الكبيرة رأسمالية الدولة في العراق منذ الحرب العراقية - الايرانية طور الانحطاط لتمسي المعين لنمو الطفيلية والأرباح التي لها هامش طفيلي كبير تجنيه الاحتكارات الدولية ولتفعيل ديناميكيـة المقاولات المحلية والأجنبية .
عكس قانون إصلاح النظام القانوني ملامح فلسفة تقدمية للتغيير تجاه الملكية الخاصة وجدلية التفاعل البناء بين المصالح الخاصة والمصلحة الوطنية العامة لمواجهة جدلية التخلف . لقد بدأ التراجع والانحطاط منذ تشريع قانون رقم (32) لسنة 1986 وتنظيم إجراءات بيع وإيجار أموال الدولة في إطار الخصخصة . وقبل ذلك كان قانون رقم (35) لسنة 1983 لخصخصة الملكية الزراعية ومن قبله قانون رقم (116) لسنة 1980 الخاص بالشركات الزراعية . اقدمت الحكومة العراقية سنة 1988 على برنامج ضخم للانفتاح الاقتصادي والخصخصة باتجاه اقتصاد السوق الا انها قادت الاقتصاد الى فوضى شمولية ... ومع بداية التسعينات كانت (53%) من الأراضي ملكية خاصة و(46%) منها مؤجرة من الدولة الى القطاع الخاص وظل (1%) تحت سيطرة الدولة . وبيعت الى القطاع الخاص مؤسسات كبيرة للدواجن والألبان والأسماك ومؤسسات مساعدة كالمطاحن والمخابز . واحدثت استعادة القطاع الخاص للزراعة تغييرا في التنظيم الاجتماعي للريف في بلادنا بعد إلغاء قوانين رقم (30) لسنة 1958 ورقم (117) لسنة 1970 ورقم (90) لسنة 1975 والتشريعات النقابية في القطاع الزراعي طيلة العقود الأربعة المنصرمة ... ومع كل اجراءات الدكتاتورية التي اتخذتها صوب الخصخصة فانها لم تستطع ولوج القطاع النفطي الا في بعض القرارات التمهيدية الهامشية كالغاء شركة النفط الوطنية ! لقد استحصلت غالبية الشركات الأجنبية العقود العراقية ابان العهد الدكتاتوري لاعتبارات سياسية ومصالح اقتصادية تقديرا لزعماء أحزاب وأعضاء برلمانات في اوربا وآسيا وأميركا.. وقدم النظام العراقي العمولات المالية والنفطية الضخمة لصالح السمسرة السياسية عبر ابرام العقود وترتيب الصفقات مع الشركات بغض النظر عن كفاءتها !.
لا يخفى على احد ان مسيرة العراق للسيطرة على موارده النفطية تقدمت في سياق سلسلة طويلة من الجهود الوطنية: القانون رقم 80/1961، إنشاء شركة النفط الوطنية العراقية (1964) ، و تأميم شركة نفط العراق (1972) وتصفية الامتيازات النفطية الأجنبية..ان النجاح الذي حققته شركة النفط الوطنية العراقية I.N.O.C. في إدارة قطاع النفط العراقي، قدمت مثالاً رائداً على قدرة الشعوب في السيطرة على موارداها الوطنية واستغلالها بنجاح وإنهاء دور الشركات الاحتكارية. وهذا يمكن أن يفسر لماذا أقدمت سلطة الاحتلال كخطوة أولى في توجهها نحو إعادة السيطرة على الموارد النفطية العراقية تصفية ممتلكات شركة النفط الوطنية العراقية المنحلة - رمز الاستقلال الوطني العراقي..
النفط عامل مهم في الحد من التبعية لكنه وشم بالإهدار وسوء إدارة العوائد وتبديد الموارد على السلع الاستهلاكية في التنمية الانفجارية الصدامية ومشاريع التنمية الكبرى ومشاريع الأبهة والتسلح والكوارث ، وضعت بلادنا في صدارة البلدان النامية مديونية واشد تبعية للنظام العالمي الجديد بالوصاية المالية الدولية والاحتلال ، ووجهت اقتصادياتها وتجارة العراق الدولية وطابع العلاقات بين الأسعار والأجور والرواتب لاعادة إنتاج أوضاع التخلف والتبعية من خلال عمليات السوق الاعتيادية وخلقت عماء السوق ... وفرط النظام العراقي في مقومات السيادة الوطنية وأصر على تجويع الشعب والمتاجرة بمحنته ريثما تقتضي المصالح الأمريكية رفع العقوبات الدولية ، ليستمر إنزال العقاب بالشعب العراقي ... هل تجاوزت حكومات ما بعد التاسع من نيسان هذه الاوضاع المأساوية !؟ النفط العراقي اليوم من الناحية الفعلية هو تحت سيطرة المحتل... الطاقة الكهربائية العراقية ، التي ارتبطت منذ ولادتها بالشعب، وعلى أكتافه جرى نقل الماكنات ومد الخطوط وتعليق المصابيح ، وهو الذي حرص على ديمومة إيصال الكهرباء الى الناس وصيانة شبكات الكهرباء... الطاقة الكهربائية العراقية اليوم في خبر كان وعمليا هي تحت سيطرة المحتل وشركاته العملاقة ايضا!
تؤكد جدلية التنمية التفاعل البناء بين المصالح الخاصة والمصلحة الوطنية العامة لمواجهة جدلية التخلف بعناصرها التقليدية الداخلية والخارجية . ولما كان قطاع الدولة هو الضمانة الأساسية للمصالح الاقتصادية الوطنية والخصخصة إلغاء حماية هذه المصالح فان القطاع العام العراقي والكردستاني قد واجه ويواجه اليوم معضلات مفتعلة ليست من طبيعته . وبالتالي من الضروري الوقوف بحزم أمام دعوات حذف وتهميش قطاع الدولة وهي دعوات تلقي الدعم الواسع من المؤسسات الاقتصادية العالمية في الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وكانت قد رحبت بها الحكومة العراقية في العهد التكريتي.إن إمكانيات ( القطاع العام - الدولة - السلطات الإقليمية ) على تخصيص الاستثمارات السنوية الممكنة تزيد بأضعاف مضاعفة قدرات القطاع الخاص والأهلي والتعاوني والمختلط في عموم العراق . هذا يعزز من ريادة القطاع العام حاليا وفي المستقبل . كما إن استيراد الرساميل الأجنبية لم يكن يوما أساس بناء أية قاعدة تحتية صلبة في الاقتصاديات الحديثة والتقليدية لكنه يبقى ضروريا لدعم الدولة العراقية كي تقف على قدميها بعد الدمار الذي لحق بها شريطة أن تتحدد الأسس والمعايير لنشاط هذا القطاع ، وهذا لا يعني الحد من نشاطها بقدر تأمين رؤية واضحة عن نشاطها الواسع المحتمل. ولا بد للمشرع العراقي أن يضع في مقابل فتح الأبواب أمام رؤوس الأموال الأجنبية واتساع قاعدة ونشاط القطاع الخاص الأجنبي برنامجاً اجتماعياً مهماً يحمي من خلاله مصالح الكادحين وصغار المنتجين والعاملين في مختلف أجهزة الدولة. فالانفتاح الفعلي على الاستثمارات الأجنبية يفترض أن لا يعني السماح بغزو اقتصادي أجنبي يهدف الى الهيمنة الكاملة والفعلية على الاقتصاد العراقي وحرمان المستثمر المحلي ، الحكومي والخاص والمختلط ، من القدرة على التوظيف بسبب قوة القدرة التنافسية لدى المستثمر الأجنبي أو حرمان أصحاب رؤوس الأموال الوطنية في الدول العربية من استثمار رؤوس أموالهم في الاقتصاد العراقي.
لقيت دعوات تحويل المؤسسات الحكومية في بلادنا الى نظم إدارة الشركات والتمويل الذاتي على أساس تجاري – مبدأ الربح والخسارة – آذانا صاغية بهدف تحسين إنتاجية القطاعات المعنية وربحيتها وجعلها اكثر استقرارا ، كونها تجسيدا لمبدأ اللامركزية والقدر الأكبر من الاستقلالية المالية والإدارية .وعادة يتم اللجوء إلى نظم إدارة الشركات بسبب ضعف اداء القطاعات المعنية وأعباءها المالية الباهضة على ميزانية الدولة . وفي الواقع الذي فسرناه أعلاه كان اللجوء الى هذا النظام تجاوبا مع الوصاية الدولية المالية والاحتكارات متعددة الجنسية والسياسة الاقتصادية الاميركية وضغطها ، ولم يكن مكسبا اقتصاديا . اما ممثلوا القطاع الخاص الجدد فلم يكونوا من النخب التقليدية بل كونوا ثرواتهم من المقاولات ومعظمهم كان على صلة وثقى بالنظام القائم ... والهدف واضح للعيان هو ربط القطاع الخاص الجديد بالجهاز البيروقراطي للدولة الكومبرادورية . ورغم النجاحات المبكرة للطغمة الحاكمة فان سياسة الخصخصة الريفية والحضرية مثلا ولدتا مستويات عالية للتضخم والبطالة وشحة السلع الأساسية وظهور السوق السوداء ، وهبط على اثر ذلك عدد التعاونيات الزراعية والمزارع الجماعية والتعاونيات المتخصصة.
لا يقل القطاع الخاص حاجة للرعاية والإصلاح والتأهيل عن القطاع العام ولا يجب إعطاء قدراته الأهمية المبالغ فيها بالإسهام في تنمية الأقتصاد الوطني.ويؤدي التطور المشوه لنمو القطاع الخاص الى تحوله الى ميدان للشطارة والفهلوة والفساد والإفساد بالشراكات والتعاقدات المعلنة والخفية المباشرة وغير المباشرة مع المتنفذين والأرستقراطية وكبار الموظفين والسلطات الحاكمة. وفي العراق يفتقر هذا القطاع الى الخبرات والكفاءات التنظيمية والإدارية للمساهمة في الفعاليات الأستثمارية المطلوبة..كما وجب التمييز بين القطاع الخاص المنتج وبين الشرائح الطفيلية العاملة في ميادين المقاولات والتجارة والخدمات والتي تتعاون وتتحالف مع البيروقراطية الإدارية وتتعاطى حماية مصالح الرأسمال الأجنبي وتتجاوز القوانين بالتهريب والغش وخلق السوق السوداء وإشاعة مظاهر الفساد وغسيل الأموال . وعموما يتسم القطاع الخاص بالخصائص التالية :
 الطبيعة الأستغلالية والمواقف السلبية التراجعية الأرتدادية.
 ضعف التزامات المساهمة في الميزانية الحكومية والمحافظة على الثروة القومية والبيئية.
 النزوع لتحقيق الربح الأعظمي ( Maximum Profit ).
 ضعف الضمانات الأجتماعية وضمانات حقوق العاملين من تدريب وتأهيل ..الخ.
تستلزم السمات أعلاه حماية المستهلك من الأحتكار أو استغلال القطاعات التجارية والخاصة وتنظيم العاملين فيها مهنيا ، نقابيا ،.. ومراعاة قوانين تشغيل النساء والأحداث !..ويعتبر التخطيط المرن المستفيد من آليات السوق وعبر التحشيد الشعبي الواسع والأجواء الديمقراطية والمؤسساتية المدنية والشفافية المعلوماتية وسيادة القانون العلاج الفعلي للمعضلات الأجتماأقتصادية! كما يعتبر تدخل الدولة لتأمين التناسق والتكامل بين القطاعات الأقتصادية وحماية المستهلك من جشع المضاربات، والفعل العفوي لقوانين السوق، والحد من التضخم ..أمرا ضروريا في سبيل تنظيم الأستثمار، والأنفاق المجاني، والألتزام في التعاقدات الخارجية ،وضبط القطاع الخاص وجوهره العائد السريع من الربح.
يساهم مستوى الرسملة المتدني الذي لا يدخل في نطاق القوانين المولدة للمجتمع المدني الحديث ويدور حول وسائل الإنتاج والسلع الاستهلاكية والخدماتية الدور المميز في هيمنة الشرائح المتذبذبة طبقيا داخل المجتمع العراقي والكردستاني. وهذه الشرائح الرثة هي الظهير القوي للزعامات الطفيلية البيروقراطية الطائفية لإبقاء الدورات الاقتصادية ذات طابع إنفاقي استهلاكي يصون التفتت الاجتماعي ويكرس التشوه الطبقي. هذا ليس بمعزل عن عناصر ضغط وأجهزة صناع القرار الغربيين وسياستهم في اقتصاد السوق ونهب مؤسسات القطاع العام . وتلعب العلاقات الاستهلاكية دور تغليف البنى الممتدة من الأصول العشائرية والطائفية الضيقة بالواجهات الاستهلاكية ولا تحمل في داخلها آلية إطلاق القيم التقدمية الجديدة. وكما هو الحال في السوق التجارية، تطرد العملة الفاسدة، التي هي الولاءات غير السياسية، العملة السليمة التي هي الولاءات الوطنية الجامعة التي تقبل الانقسام الأفقي من حول تحديد المصالح الاجتماعية والصراع عليه، ولا تقبل النزاع العمودي الذي يعني خراب الأمة أو الجماعة السياسية والعودة إلى أولويات العصبية الدينية أو الأقوامية." برهان غليون / دراسات انترنيتية ".هذا ليس بمعزل أيضا عن تواطؤ ودعم بعض الزعامات والنخب المتنفذة الامية والغبية الحمقاء حيث كل الجهود تصب في اقتصاد السوق وتخريب القطاع العام وتشويه سمعته.
لقد جمد الطاغية الوعي النقابي العمالي وحرفه عن مساره وحوله الى مركبة يركبها من دون وازع كل من هب ودب... وتحاول المرجعيات والنخب الطائفية ومرجعيات اقتصاد التساقط (Trickle–Down Economy) اليوم اعادة الصولة مجددا ... ياللسخف ! . لقد حاولت الحكومات العربية والاسلامية ومن ورائها الإمبريالية الغربية ومن ثم الجماعات الطائفية أن تلغي جميعها فكرة الصراع الطبقي، وكل هذه الوحدة الفكرية بين هذه الأطياف المختلفة ترينا المدى الاجتماعي الواسع لضرب فكرة معينة، حيث تشعر هذه القوى كلها بأن هذه الفكرة تشكلُ لها هاجساً كبيراً لا تستطيع ان تتحمل تداعياته الحضارية والأخلاقية !
السياسات المتبعة لتحويل الاقتصاد العراقي لسوق حرة كرفع الدعم وتفكيك اجهزة الدولة، فاقمت من مستويات الحرمان. اما جهود إعادة الإعمار الكبرى الهادفة الى تأمين الخدمات الاساسية للسكان فيجب ان تسبق التحول من ادارة مركزية الى اقتصاد السوق الحرة." خارطة الحرمان ومستويات المعيشة في العراق/دراسة اعدها برنامج الامم المتحدة الانمائي ووزارة التخطيط والتعاون الانمائي العراقية". ان بلدا كالعراق وما يملكه من موارد طبيعية ومستلزمات النمو الاقتصادي ، لا يفترض ان يكون اقتصاده ذو طابع انفتاحي مطلق، بل ان اقتصاده يجب ان يكون في توجهه كثير من المرونة مع سوق الرأسمال الوطني لتشجيع القطاع الخاص وصولا الى خلق قيمة مضافة تستخدم لغايات التنمية الشاملة المستدامة المبنية على مبدا تحسين معامل الراسمال الانتاجي( Capital Output Ratio) اي حدوث توسع ملموس في الطاقة الاستيعابية لامتصاص اكبر قدر ممكن من البطالة وتحقيق قدر من العدالة في توزيع واعادة توزيع الدخل القومي وزيادته بشكل تدريجي، والذي يؤدي بالتالي الى متغييرات ايجابية على صعيد الطلب الكلي نوعا وكما وصولا الى التوسع الافقي والعامودي المنشود."خليل شما / استحقاقات الخصخصة في الاقتصاد العراقي". هل ستكون الخصخصة في اطار اقتصاد السوق الحل لكل المعانات المعيشية والتخلف الاقتصادي وصولا الى ما كان علية العراق قبل عقود وافضل؟. تسعى العولمة في ظل الاحتلال الاميركي الى عرقلة التنمية المستديمة والجادة والمستقلة عبر إضعاف القطاع العام ودوره الاجتمااقتصادي ومحاولات لبرلة الاقتصاد وإشاعة اقتصاد السوق . ويتذرع دعاة فصل الإدارات الحكومية عن الملكية في مؤسسات القطاع العام بتدهور القطاع الصناعي وشيخوخة واهتراء المعدات والتجهيزات وبمتطلبات إدخال التكنولوجية الحديثة ومعالجة الفساد ونهب المال العام وبالأخلاقيات المزدوجة في المؤسسات الحكومية وعجز القطاع العام عن توفير الإيرادات الضرورية للإصلاحات والخسائر المستمرة التي لم يعد بالإمكان تحملها .
اليوم من الضروري اتخاذ الحيطة والحذر من تداعيات الخصخصة في ظل مساهمة الاستثمارات الاجنبية عند البدء باعادة اعمار العراق وعند فتح كل المنافذ على السوق العراقية وخاصة تلك المتعلقة بالجانب الانتاجي التكنولوجي دون الاخذ بنظر الاعتبار اهمية الخدمات كعامل مساعد لعملية التحول الاقتصادي. ويبقى القطاع الوطني الخاص غير مؤهل حاليا لأخذ زمام المبادرة في استملاك المنشآت التابعة للدولة، والسبب يكمن في ضعف الامكانيات المادية والتقنية للصناعيين واصحاب المهن التجارية. الفصل بين الايجابية والسلبية في عملية الخصخصة يجنبنا اخطاء كبيرة رافقت السياسات الاقتصادية لدول اسرعت في تبني عمليات التحول الاقتصادي.في بلد كالعراق نرى ان تطبيق الخصخصة دون رقابة الدولة يضر بالمواطن العراقي ضررا فادحا فنحن نعلم بعد ان بدأت الموارد التجارية تدخل العراق دون رقابة ان الغش الصناعي قد اغتال جيوب المواطنين، واصبحت البضاعة الرديئة سم للاقتصاد المحلي واصبح المتضرر الوحيد هو المواطن وهو ما لا يمكن ان يحدث في حال سيطرة الدولة على الاقتصاد ، اضافة الى ما قد يترتب على خصخصة بعض القطاعات من ارهاق لكاهل المواطن في الخدمات العامة حيث هناك مجالات يمكن دخول الاستثمار المحلي او الاجنبي فيها مثلما هنالك مجالات لا يمكن خصخصتها لان في ذلك خطر على احوال المواطن المعيشية. ."خليل شما / استحقاقات الخصخصة في الاقتصاد العراقي".
تراجع العراق المنهجي عن نظام الخدمات الاجتماعية هو ما تصبوا اليه الادارة الاميركية لأن ذلك هو احد اهم السمات المميزة لعولمة السوق الجديدة الراهنة ... الى جانب طغيان اقتصاد السوق ، التدهور الشديد والمتفاقم في المساواة الاجتماعية والديمقراطية الاقتصادية بفعل تضاعف الأرباح وانهيار سياسة إعادة توزيع الدخول وتزايد الفجوة بين الأغنياء والفقراء واتساع الفقر ، الهدر المتجدد والمتوسع باستمرار في فرص العمل والإنتاج من السلع والخدمات ، رفع معدلات البطالة والأستيراد الانتقائي للعمالة المؤهلة وغير القانوني للعمالة غير المؤهلة وتشغيلها بصورة سرية محرومة من الحقوق الأساسية والنقابية ، تشغيل النساء بالاستناد الى التمييز ضدها وتشغيل الأحداث لتخفيف الأجور وتكاليف الإنتاج ، والتمركز الرأسمالي .
في ظل المعطيات المتوفرة وجب معارضة ومقاومة خصخصة صناعة النفط و الفعاليات الاقتصادية التابعة لها مثل التكرير والتخزين و النقل . واذا كانت عائدات النفط الحالية لا تكفي لدفع فوائد القروض الحالية و القروض التي تفرض على العراق الآن و في المستقبل فانه بعد خصخصة النفط ستكون العائدات اقل بكثير لان الشركات الأمريكية سوف تحصل على نسبة كبيرة من العائد كأرباح و سوف لن يكون العراق قادرا على التقدم و التطور. و في حالة زيادة الإنتاج فانها ستقود الى انخفاض الأسعار و بالتالي انخفاض الدخل القومي العراقي مما يؤدي الى عدم كفاية الموارد المالية لمصاريف الدولة و دفع الفوائد على الديون مما يدفع بالحكومة لطلب قروض جديدة ويزيد من عدم إمكانية العراق لدفع الفائدة على مجموع الديون والسقوط في فخ دوامة الديون الأميركية. ستقود الخصخصة الى خفظ أسعار النفط لان الشركات الأمريكية من مصلحتها ارتفاع إنتاج النفط بحيث يؤدي ذلك الى انخفاض أسعار النفط. وستؤدي خصخصة قطاع النفط الى تدني نسبة العمالة العراقية ،و خصوصا العمالة الماهرة، في الصناعة النفطية …كما الحال في الدول الخليجية… مما يجعل من المستحيل وجود خبرة صناعية نفطية عراقية تنافسها في المستقبل. وإن سمحت بوجود عمالة وطنية عراقية فانها ستكون في قطاع العمالة الغير ماهرة و ليس في المستويات التقنية و الإدارية العليا.هذا لا يمنع من إصدار قانون للاستثمار الأجنبي يسمح للمشترين الأجانب الاستثمار في مختلف قطاعات الاقتصاد العراقي (عدا الصناعات الاستخراجية،والصناعة الكهربائية)، ومن دون حدود عليا لحصة الأجنبي في المشاريع، مع اعطاء الضمانات اللازمة كافة لتحويل حقوق المستثمرين ورؤوس أموالهم من دون تأخير. وعليه من الضرروري التمييز بين عقود الاستثمارات الخارجية والانفتاح في هذا القطاع وبين الخصخصة في ظل غياب قانون يحكم العلاقة وينظمها. وهذا يتطلب قبل كل شئ إعادة هيكلة صناعة النفط الوطنية بما يعزز ترسيخها في ظل حكومة وطنية ذات سيادة واحياء شركة النفط الوطنية العراقية I.N.O.C. . وكذلك تفعيل قانون صيانة الثروة النفطية وتطويره للحد من الممارسات غير السليمة فنيا وبيئيا بالتطبيق عبر الإدارة المستقلة وشموليته جميع الوحدات العاملة في الصناعة النفطية والغازية ، وتشريع قانون مناسب لضريبة الدخل على الانتاج النفطي والغازي يخضع له الإنتاج الهايدروكاربوني السائل والغازي ،الحكومي والأهلي والأجنبي،يؤمن حصص الجميع من منتجين ومجتمع … ومن الضروري تأطير مشاركة القطاع الخاص والأجنبي في صناعة النفط التحويلية والتوزيعية (عدا الاستخراج) كاشتراط الحد الأدنى للجانب العراقي بما لا يقل عن 51 % وخاصة في النقل والتوزيع… وعدم السماح بالمشاركة والالتزامات الدائمة في الصناعة الاستخراجية للنفط والغاز . هذا لا يعني عدم الاستفادة من التكنولوجيا المتاحة عالميا لدى الشركات الغربية والأميركية عن طريق عقود المقاولة ومحاصصة الانتاج ذات الأمد المحدود والتي تنتهي بسداد الكلفة …أي توفير الشفافية واتباع المرونة الضرورية لتمويل الاستثمارات الكبيرة المطلوبة لأعادة التأهيل والتطوير في المراحل الأولى.
العلاقة بين النفط والغاز والطاقة الكهربائية علاقة تناسب طردي ،ولا يتمكن العراق من تصدير نفطه مع نقص التغذية الكهربائية في حقوله وتتوقف محطاته الحرارية عن العمل مع أعمال التخريب التي تطال أنابيب النفط والغاز المجهزة لها.يجب معالجة الأزمات الوقودية الناجمة عن الاعمال التخريبية التي تتعرض لها الأنابيب الرئيسية لإيصال النفط الخام الى مصافي التكرير في بغداد وصلاح الدين والبصرة واهمال النظام السابق لهذه المصافي بتأني ونفاذ صبر ،وتجنب خلق الأزمات المتكررة في المحروقات أو السياسة المقصودة خصوصا أن البنية التحتية النفطية لم تتعرض للدمار مما يؤدي الى خلاصة مفادها الأزمات المتعمدة والمفتعلة والتي كان صدام حسين يحسن استخدامها لأن ذلك يثير نقمة الشعب في أجواء الشفافية والمعلوماتية الراهنة. أزمة الوقود الخانقة تزداد سوءاً كل يوم والناس يتساءلون عن سر الأزمة في بلد منتج ومصدر للنفط. الولايات المتحدة الأميركية برغم الحرص على إنتاج كميات كبيرة من نفط العراق لأسباب كثيرة ربما يكون على رأسها هو محاولة محاربة منظمة أوبك وخفض الأسعار، وهي تشجع العراق على إنتاج ما يستطيع.. كل ما يستطيع إنتاجه من نفط ، حتى إذا لم ينسجم ذلك مع حصته داخل منظمة الأوبك، وربما لا تشجعه على العودة لمنظمة الأوبك أصلاً لإنتاج ما يستطيع إنتاجه، وطبعاً ذلك تحت يافطة إعادة الأعمار في العراق." سلام كبة / النفط والكهرباء والمرجعيات الدينية في العراق".
• الشركات الاحتكارية العملاقة
تواجه الشركات الاحتكارية ومتعددة الجنسية الخطط الوطنية المستقلة عبر احتكار التكنولوجيا الحديثـة وأتباع سياســة غربلة النسيـج الاجتماعي في البلدان التي تورد لها سلعها ! لركضها وراء الأرباح والمصالح العولمياتية الرأسمالية ( Globalizational) .. وتستلزم السياسة الوطنية المرونة والاستفادة من تجارب هذه الشركات مع إتباع الحزم المتناهي في التصدي لمحاولات تصدير مشاكل الغرب الرأسمالي إلى المجتمع ، ورعاية متطلبات الأمن الوطني والإقليمي ، وأتباع موازنة سليمة بين القطاعين الخاص والعام لصالح الأخير عبر مركزة القسم الأعظم من الدخل القومي المتحقق في الاقتصاد .
تشكل الشركات المتعددة الجنسيات اليوم القوة المحركة في النظام الاقتصادي والسياسي الدولي الراهن ، وهي ظاهرة اقتصادية مهمة في مجال العلاقات الدولية ، بحيث أنها تمثل اليوم إحدى القوة المؤثرة في صنع الاحداث والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في العالم المعاصر ، وبالتالي أصبحت الشركات المتعددة الجنسيات تعد بمثابة الحكومة الكونية Global Governmentكما أضحت تلك الشركات تتحكم في موارد طبيعية هائلة وتسيطر مباشرة على أهم النشاطات الاقتصادية في كل المجتمعات في العالم ، وقد دفع تعاظم نفوذ هذه الشركات إلى خلق نوع قوي من المزج بين الوحدات الإنتاجية والمؤسسات المالية والمصرفية العالمية على الصعيد العالمي.
وتعد الشركات متعددة الجنسية قوة هائلة في الاقتصاد العالمي المعولم ، وتمارس عملها من خلال شبكة معقدة من الهياكل التنظيمية وتنخرط في عمليات الإنتاج الدولي وفق نظام عالمي متكامل يضع تحت إداراتها ما يناهز ثلث الإنتاج العالمي . كما وتعد الشركات متعددة الجنسية المحرك الرئيس لظاهرة العولمة التي تمثل المحدد الاساسي لمسار النمو والتنمية في مختلف دول العالم اليوم.
ويمثل ظهور الشركات متعددة الجنسيات الصورة الجديدة لتنظيم النشاط الاقتصادي في الاقتصاديات الراسمالية المتقدمة ، حيث أن الشركة متعددة الجنسية أو عبر الوطنية كما تسمى في بعض الأحيان ، تمثل التجسيد الحي لظاهرة كوكبة الحياة الاقتصادية ، حيث أخذت هذه الشركات تسيطر على العالم ، مخترقة كافة مناطق السيادة الوطنية بسلعها ، خدماتها ، أموالها ، تكنولوجياتها ، اتصالاتها البعدية ، بطاقة إئتمانها وأنماطها الاستهلاكية . وأخذ نشاط الشركات متعددة الجنسيات يحظى بأهمية كبيرة في العديد من ادبيات السياسة والاقتصاد ، وفي تقارير العديد من المنظمات الدولية ، على رأسها تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCTADحول الاستثمار العالمي ، نظرا للدور الذي تلعبه في السيطرة على عمليات نقل التكنولوجيا ومؤسسات التمويل واسواق العمل ومنافذ التسويق وتدفقات وحركة رؤوس الاموال والاستثمار ، وانعكاسات هذا الدور على مستقبل تطور الاقتصاد العالمي . "د. نوزاد عبد الرحمن الهيتي/الشركات متعددة الجنسية ودورها في الاقتصاد العالمي."
الشركات متعددة الجنسيات احتكارية ، حيث تكون فيها الملكية والإدارة والإنتاج وأنشطة المبيعات ممتدة فوق نطاق سلطة عدة كيانات قومية . وتتألف من مركز رئيسي في دولة ما مع مجموعة من الفروع في الدول الأخرى . والهدف الرئيس للشركة هو تأمين أقل كلفة لإنتاج السلع من أجل الأسواق العالمية . ويمكن تحقيق هذا الهدف بالحصول على أفضل وأكفأ المواقع لمرافق الإنتاج أو الحصول على تنازلات ضرائبية من الحكومات المضيفة لهذه الشركات .وتمتلك الشركات متعددة الجنسيات مجمعا كبيرا من المواهب الإدارية ، والموجودات المالية والموارد الفنية ، وتقوم بإدارة عملياتها العملاقة باستراتيجية عالمية منسقة. وتحاول الشركات متعددة الجنسيات توسعة وأدامة مراكزها في السوق من خلال التوحيد والتكامل العمودي وبمركزية اتخاذ القرارات في الشركة . وبالإضافة إلى ما تقدم تتميز الشركات المتعددة الجنسيات بسمات عديدة عن بقية الشركات والمؤسسات العاملة في الاقتصاد العالمي تتمثل بالآتي :أتساع الرقعة الجغرافية لنشاطاتها،كبر الحجم،الحجم الضخم للمبيعات،التفوق والتطور التكنولوجي.....، الإنتاج المتعدد..
وحتى الربع الأخير من القرن العشرين ، فقد كان النوعان الأكثر تميزا من استثمارات الشركات متعددة الجنسيات هما الاستثمارات التصنيعية في الاقتصاديات المتقدمة صناعيا لمنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي OECD واستثمارات الصناعات الاستخراجية ، وخاصة استخراج النفط في العالم الأقل تطورا . وفي العقدين الاخيرين من القرن الماضي ومطلع القرن الحالي أزدادت سيطرة الشركات متعددة الجنسيات على الخدمات بشكل مطرد ، وأخذت تقدم سلع وخدمات متنوعة ما بين وسائل الأعلام والاتصالات والصيرفة والتأمين وغيرها من الخدمات المالية والمصرفية.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الشركات الخمس الاولى من بين المائة شركة متعددة الجنسية الكبرى تنتج في المتوسط (22) سلعة مثل شركة جنرال موتورز التي تنتج قاطرات وسكك حديد وثلاجات وسيارات مختلفة الاشكال . ويستنج من هذا عدم وجود ترابط بين تلك المنتجات ، ومع ذلك تسعى تلك الشركات إلى التكامل التجاري فيما بينها لجعل علمية التسويق متحكما فيها ، وهي وفقا لرؤيتها وسيلة حاسمة للسيطرة على الأسعار .
وكان حصاد تدويل الإنتاج الصناعي تكوين نسيج معقد من علاقات متشابكة بين الدول القومية والشركات العالمية العملاقة . وقد باتت العواقب السياسية والاقتصادية للإنتاج الدولي ولتشكيل تحالفات اقتصادية عبر الحدود مسائل مثير للنقاش والجدل . وتواجهنا هذه التطورات بالقضايا الكلاسيكية التي تجاور فيها أصحاب الفكر الليبرالي والماركسي والقومي حول الراسمالية الدولية ، فهل تمثل هذه التحالفات عبر القوميات تجاوزا لقانون النمو غير المتكافىء أم أنها مجرد تحالفات مؤقتة سرعان ما تنحل مع استمرار التطور غير المتساوي للاقتصاديات القومية.لقد قادت الزيادة السريعة في حركة رؤوس الأموال إلى أشتداد حدة المنافسة الدولية من أجل الاستثمار . وتسعى الحكومات إلى أن تجذب استثمارات الشركات متعددة الجنسيات ، وأن تؤثر في أختيار المواقع الدولية للفعاليات الاقتصادية من خلال السياسات والضريبة ، وعن طريق تكوين عمالة ماهرة منضبطة . وتتنافس الشركات متعددة الجنسيات التابعة لدول مختلفة فيما بينها للوصول إلى هذه الاقتصاديات ، وبذلك تعطي الدول المضيفة شيئا من القدرة على المساومة بشأن شروط الاستثمار .
تمخض عن هذه التطورات نموذج معقد للعلاقات بين الشركات ، والحكومات الوطنية والدول المضيفة مما أكسب الاستثمار الأجنبي طابع سياسيا بصورة مطردة في الوطن وفي الخارج . ويحاول كل طرف فاعل أن يقوي مركزه الخاص من خلال الإعمال الفردية وبالتحالف مع غيره من الناشطين . فبالقدر الذي تنتزع فيه إحدى الحكومات تنازلات من الشركات فإنها تسبب ضغوطا معاكسة في دول أخرى . وعندكا تحاول الدول المضيفة أن تحول شروط الاستثمار لصالحها ، فإنها تخلق قلقا واهتماما في وطن الشركة حول حالات اختلال التوازنات التجارية ، والأعمال الضائعة والمعامل الهاربة . وهكذا ، فالجماعات والدول تحاول أن تتلاعب بالشركات لأجل مصالحها الخاصة بها.
يؤدي انعدام الشفافية في إرساء مشاريع الإعمار الكبرى وعمليات العطاءات أو المناقصات المغلقة أو السرية المتعلقة بها إلى الفساد والإفساد مما يضعف من جهود توطيد سيادة القانون في العراق ، فضلاً عن تبديد الموارد التي يمكن أن تستخدم لمصلحة الشعب العراقي . كما إن الممارسات التي تعتمدها الشركات الأميركية والبريطانية وشركات عقود الباطن – في التوظيف، مثلاً، أو لجهة الحفاظ على أمن عملياتها – أدت وتؤدي إلى انتهاكات حقوق الإنسان في العراق. وثمة حاجة ملحة لضمان عدم تحول الرساميل الأجنبية إلى قوة تزيد من تفاقم انتهاكات حقوق الإنسان في بلادنا. يبدو جليا دور الدولة والمؤسساتية المدنية في تحديد المفاهيم والقيم وتأطيرها قبل الشروع بالبحث واتخاذ القرارات والتوصيات.(1)
لم تخضع العقود التي أبرمتها الحكومة العراقية والإدارة المدنية الأميركية مع المنظمات والشركات العالمية ، وعقود من الباطن التي أبرمها سلاح المهندسين الأميركي مع مختلف الشركات وفق برنامج النفط مقابل الغذاء الى المراقبة والتدقيق ، وبالتالي المطالبة بتسديد كلفة العقود غير المتحققة ، وحض الشركات الأجنبية على اكمال تنفيذ مشاريعها في العراق وعدم التعكز على أعذار وحجج واهية. ولم تخلو عملية منح الشركات الأميركية عقودا لاعادة الأعمار في العراق من تجاوزات فاضحة أساسها التواطؤ بالعلاقات المباشرة مع رجال البيت الأبيض وصقور وزارة الدفاع الاميركية - البنتاغون ، وأن معظم الشركات التي فازت بعقود لإعادة إعمار العراق معروفة بعدائها الشديد تجاه النقابات العمالية وحصلت على معظم العقود دون طرحها في عطاءات تنافسية بسبب علاقاتها الوثيقة بإلادارة الاميركية ، واستطاعت هذه الشركات الاستفادة من العلاقات السياسية والترشيحات والتعيينات في المناصب الحكومية والحصول على امتيازات ضخمة.
الرساميل الأجنبية وانتهاكات حقوق الإنسان وجهان لقطعة نقود واحدة ... فالشركات الأميركية والبريطانية وشركات عقود الباطن وكل مانطلق عليه شركات متعددة الجنسية او متعدية الجنسية او عابرة للجنسية تمتلك التاريخ الحافل بالفساد والفضائح وتسعى إلى تحقيق معدلات أرباح ضخمة تقدر بمليارات الدولارات من الخراب الذي حل بالعراق من خلال وضع أكبر قدر من صناعاته وخدماته وثرواته تحت السيطرة الأجنبية ، وهي لا تلتزم بمراعاة مسودة معايير الأمم المتحدة الخاصة بمسؤوليات الشركات متعددة الجنسية والمؤسسات التجارية الأخرى فيما يتعلق بحقوق الإنسان ورفض المشاركة في مشاريع تفرض التهجير القسري والتعسفي القائم على التمييز حيث لا تدفع التعويضات الكافية ، وتجنب التمييز في الوظائف أو مفاقمة الانتهاكات الماضية بشراء أو إشغال ممتلكات صودرت بصورة غير قانونية أو تعسفية في الماضي. وهي لا تراعي المعايير الأمنية المعترف بها دولياً والتشاور مع أبناء الشعب العراقي والاستئناس بآراء المرأة العراقية،وتقديم الخدمات الضرورية على نحو غير قائم على التمييز،وتسعير المنتجات أو الخدمات الضرورية على نحو يأخذ بعين الاعتبار الظروف الاستثنائية المحيطة بالشعب العراقي في مرحلة ما بعد النـزاعات، والإسهام في عدم التلوث البيئي ، وعدم المساعدة على استمرار الفروق الاجتماعية كتأجيج العداوات القديمة والولاءات دون الوطنية أو ترسيخ عدم المساواة ،وعدم دفع الرشاوى أو تشجيع الفساد والطائفية والعشائرية والشللية ،والتحلي بالشفافية ومساندة سيادة القانون وإنشاء نظام قضائي عادل، وتأييد نشر مراقبين لحقوق الإنسان.
تقف الشركات متعددة الجنسيات مرة أخرى على عتبة العراق ، وهي تدرك بأن الشروط الاقتصادية والقانونية لأي عقد تعتمد اعتمادا رئيسيا على التفاوض بين الحكومة والشركة. لا زالت حكومة العراق جديدة وضعيفة، وغارقة في حالة مريعة من العنف، وهي تحت الاحتلال العسكري ، وفي مثل هذه الظروف يستحيل على الحكومة التوصل إلى صفقة في صالح الشعب العراقي.. لقد تعلمت الشركات الاحتكارية النفطية دروسها من السبعينيات ، فلغتها الآن أقل رعونة، وهي حريصة على توليد انطباع بسيادة الدولة في رسائلها العلنية، وعلى تقديم تنازلات إستراتيجية صغيرة حيث يلزم الأمر. من جانب آخر، تمكنت هذه الشركات من صياغة عقود فائقة المتانة يكاد يستحيل معها قانونيا على الدول الخروج عنها.في الوقت الراهن، تقوم السفارة الأمريكية وغيرها من عناصر الإدارة الأمريكية بتكثيف جهودها الرامية إلى التأثير على صياغة قوانين النفط الموعودة- في الوقت الذي لا زالت فيه 130000 من القوات الأمريكية متمركزة في العراق.... كل ذلك استخدام غير منطقي، وحتى غير قانوني للجبروت العسكري. ان اي تهاون للحكومة العراقية امام هذه الضغوط هو خطأ فادحا، وتكرارا لتجربة امتيازات عام 1925، إن هي وقعت عقودا طويلة الأجل في ظل الاحتلال.لن يرغب وزير النفط العراقي الحالي ولا الحكومة العراقية بدخول كتب التاريخ على أنهم الذين عملوا على عكس القانون رقم (80) لعام 1961. إلا أنهم أيضا ليسوا مضطرين لذلك. إن الهدف بشأن النفط العراقي لم يكن مجرد الحصول على توريدات أكبر للنفط – حيث كان بالإمكان تحقيق هذا الهدف بشراء المزيد من النفط من النظام السابق وبإزالة العقوبات. بدلاً عن هذا، كانت مصلحة الولايات المتحدة وبريطانيا هي السيطرة على النفط على المدى الطويل من خلال شركات متعددة الجنسيات مراكزها الرئيسة في دولها الخاصة بها. (2)
يبدو ان مشاريع قوانين النفط والغاز الجديدة الموعودة تفسح المجال لأطلاق يد الشركات الاحتكارية المتعددة الجنسية دون حسيب او رقيب لأستغلال واستثمار مناطق استخراج النفط العراقي والانتفاع به وبكافة منتجاته ومستحضراته . ونظرا لأن عقود المشاركة وتطوير الانتاج والامتياز ..الخ قد منحت تحت ظروف غير طبيعية ، تتمثل بارتهان السيادة الوطنية للاجنبي وقوى النفوذ الدولية والاقليمية ، وخالية من قواعد العدالة التي يجسدها التكافؤ بين طرفي العقد ، فلا تكتفي هذه الشركات العملاقة امعانا في السيطرة بل تقطع على الطرف الوطني المتعاقد الطريق في الادعاء والمطالبة مستندة في ذلك على آخر الاعيب الشرعنة الدولية والعولمياتية ، مادامت هذه العولمة رأسمالية الطابع والمضمون ، ومركزها لايزال يدور في الفلك الامبريالي . ستوجه الشركات متعددة الجنسية المستثمرة سياسة العراق الداخلية والخارجية بطريق غير مباشر بسبب تهاون حكام المحاصصات الطائفية وتخاذلهم ازاء الشركات الاحتكارية ، والتفريط بثروات العراق وحقوق الشعب العراقي ، اي اعادة تجربة دكتاتورية البعث بنسخة مجددة ملطفة !..وسوف لا يقتصر الغبن على عقود المشاركة وتطوير الانتاج والاخراج والاعداد ! بل على تطبيقات الارض اي التفريط المجحف الجائر بحقوق الشعب العراقي !. وسيعيد كل ذلك ربط الاقتصاد العراقي حاضرا ومستقبلا ربطا محكما بالاقتصاد الامبريالي ، والتلاعب بمقدرات الشعب العراقي والشرق الاوسط .. وستقام القواعد العسكرية على اراضي بلادنا وتؤسس الاحلاف الاستعمارية العدوانية الجديدة لخدمة المصالح الاميركية وديمومتها !. وتتبع الشركات الاحتكارية عادة السياسات النفطية التي تخدم مصالحها والقائمة على اساس العناية بتصدير النفط لا العناية ببناء صناعة نفط تحويلية وصناعات تصفية نفط وطنية ، يساعدها في ذلك عامل عدم الالتزام بالصناعات التحويلية بموجب احكام عقود الامتيازات والمشاركة وتطوير الانتاج ، وصمت حكومات البلدان المنتجة للنفط ذات الشأن مما يجعل هذه الشركات في وضع تتمتع معه بالحرية الكافية والمرنة لتكييف انتاجها من النفط الخام حسب متطلبات السوق !.
وتتيح اتفاقيات المشاركة حالها حال الامتيازات تعزيزا للقدرات التي تمتلكها اصلا الكارتيلات الدولية للنفط في فرض العقود المجحفة غير العادلة ، وعبر الاسعار الاحتكارية المخفضة ، والتبادل غير المتكافئ ..اي الاستفادة من عقود المشاركة لأستثمار اقل ما يمكن من الرساميل والحصول على اقصى الارباح بأقل النفقات ، ومحاولة حفر اقل عدد ممكن من الآبار مع تجنب استخدام التكنولوجيا الحديثة لأستخراج النفط بما فيها اسلوب ضخ الماء في المكامن ( Water Injection ).. كل ذلك بقصد تكريس التبعية الاقتصادية لبلادنا وجعل اقتصادنا الوطني حبيس السوق الرأسمالية وموجه ضمن منظومة الرأسمالية المخططة لا لرفاهية الشعب العراقي وتقدمه وانما لمصلحة الولايات المتحدة ومراكز العولمة الرأسمالية . وستتوسع فجوة استهلاك الطاقة للفرد الواحد بين بلادنا وهذه المراكز اضعاف مضاعفة الامر الذي يعني استغلال ونهب ثروات العراق بأشكال وصيغ جديدة وزيادة التفاوت في التطور الاقتصادي بيننا وهذه المراكز ، وتنوع حدة محاولات شق وحدة صف بلدان الاوبيك !.
ان الاستعجال غير المبرر في اتخاذ قرار مصيري لا يعود لنا وحدنا الحق في اتخاذه دون التفكير بمستقبل الأجيال القادمة سيكون أشبه بالعودة السريعة للاحتكارات النفطية العالمية العملاقة للسيطرة على النفط العراقي الذي فقدت هيمنتها عليه بموجب قرار التأميم الذي جربه العراق مع منتصف العقد السابع من القرن الماضي ومعه كل فوائد وأرباح السنوات التي تلت ذلك التاريخ. ولنا في تجربة المكسيك في أعقاب أزمتها الاقتصادية الطاحنة والمفتعلة عام 1996 خير دليل على الواجهات التي يستطيع من خلالها الاحتكار العالمي الضخم العودة إلى مواقعه السابقة وبالأرباح التي يتوقع الحصول عليها من جراء تلك العودة التي ترهن وتربط الاقتصاد القومي برمته بحركة الاحتكار الأجنبي والى الأبد!.
• قوانين النفط والغاز الجديدة ذات العلاقة
رائحة النفط تزكم الأنوف وتسيل اللعاب... سيبقى الحديث عن القوانين الجديدة مستمرا رغم الإرهاب الفكري والاتهامات الغير مبررة. نعم لاصدار قوانين جديدة تنظم عمليات صناعة النفط لكن بصيغة تأخذ بنظر الاعتبار المصلحة الوطنية العليا مع ضرورة تطوير القطاع النفطي ، قوانين تتسم بالشفافية مع ضرورة عرض مسودتها على عموم الشعب العراقي.كان يجب اعادة انشاء شركة النفط الوطنية العراقية (اينوك) قبل اصدار كل هذه القوانين كي تأخذ على عاتقها عملية تطوير الحقول النفطية العملاقة كي لا تتعرض للضغط والابتزاز المادي مستقبلا. منذ اربع سنوات يتم تصدير النفط في العراقي من غير عدادات وبدون حسيب ولا رقيب." الندوة الموسعة للمركز الثقافي النفطي بمدينة البصرة التي نظمها إتحاد نقابات النفط في العراق بالتعاون مع شركة نفط الجنوب، وخصصت لمناقشة قانون الإستثمار النفطي". الأزمات الوقودية مستمرة جراء أعمال التخريب والتهريب ، تزويد سلطات الاحتلال بالنفط العراقي بسعر تفضيلي ضمن الاتفاقيات السرية التي فرضت على الحكومة العراقية لضمان الامدادات النفطية العراقية للولايات المتحدة الأمريكية لعقود قادمة ، تصدير النفط العراقي في غياب استخدام العدادات ، الشركات النفطية العراقية الوهمية خارج العراق التي تذلل حصول الشركات الأحتكارية على العقود النفطية العراقية لقاء العمولات.. ، الفساد الاداري وغياب الرقابة الشعبية على الاعمال الحكومية و النشاط غير الحكومي ! وكانت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية قد منحت احتكارات مثل هالبيرتون و( بيجتيل - Bechtel ) الأميركية معظم عقود اعادة تأهيل صناعة النفط والكهرباء العراقية . وهذه الوكالة هي المسوؤلة الأولى عن توزيع عقود اعادة الأعمار في العراق ، ومثلها في حينها مستشار اعادة الأعمار لآسيا والشرق الأدنى .
شجع نظام صدام حسين عمليات تهريب الغازولين الى خارج العراق كوسيلة للالتفاف على العقوبات الدولية وكان يقدم علاوات جيدة للصيادين من اجل تشجيعهم على التحول لهذا النوع من النشاط حيث كانت تحمل مراكبهم بالمنتجات النفطية وتبحر عبر شط العرب ومنها الى المياه الدولية لتتوجه بعدها الى موانئ الامارات العربية المتحدة أو ما بعدها . وادى استيراد السيارات الجديدة واستخدام الغازولين لتشغيل مولدات الطاقة الكهربائية الى حدوث ارتفاع حاد في الطلب على هذه المادة في الوقت الذي تتراجع فيه قدرات المصافي على توفيرها بسبب الهجمات التخريبية ، وبسبب انقطاع التيار الكهربائي عنها ، مما يتسبب بتوقفها عن العمل لساعات طويلة.هناك كميات كبيرة من الوقود "تختفي" من محطات الوقود أو من الخزانات التابعة للدولة، يسهم بذلك سائقو السيارات ( مهربجية السوق السوداء). وتخسر المدن العراقية مخصصاتها من النفط على يد مسؤولي الحكومة واعضاء مجالس المحافظات والبلديات الذين يعملون مع وحدات قوات الاحتلال ....
كانت وزارة النفط العراقية تدفع اكثر من 200 مليون دولار شهريا لاستيراد المنتجات النفطية التي سرعان ما يتم تهريبها الى خارج البلاد.وبالرغم من ملاحقة السلطات لقوارب الصيد والصهاريج النفطية وتقليل المعونات التي تدفع لها، الا انها أبدت ترددا في معالجة موضوع دعم المنتجات النفطية التي تباع بأسعار زهيدة للغاية . ومنذ الاحتلال وحتى الوقت الحاضر قام عدد من المسؤولين بتشكيل الشركات النفطية الوهمية خارج العراق لتسهيل حصول الشركات الأجنبية على العقود النفطية العراقية لقاء العمولات ، ويجري تصدير النفط العراقي في غياب استخدام العدادات اي سهولة إمكانية التلاعب بالكميات المصدرة وعوائدها . وقامت سلطات الاحتلال من جهتها برهن كميات من النفط الاحتياطي لسنوات قادمة بما يعنيه من نهب ثروات البلاد ، ليجر تجهيز سلطة المحتل بالنفط العراقي بسعر منخفض جدا للبرميل الواحد اي عملية نهب وقرصنة تاريخية لا مثيل لها .
وبادئ ذي بدء وجب العودة الى قرارات زيادة اسعار وقود السيارات ووقود الدور السكنية من نفط وغاز ، اثر القرار الخاص بزيادة أسعار الوقود بعد إنتهاء عملية التصويت لإنتخاب مجلس النواب في ضوء الدستور " الدائم " ، .... اذ جاءت استجابة للضغوط الدولية المتعلقة بموضوعة الديون التي يراد لها الشطب وموضوعة الخصخصة الموعودة التي ستحرق بنارها الاغلبية التي سحقتها الدكتاتورية ولم ينصفها بعد عراق ما بعد التاسع من نيسان ، وتوفر بذات الوقت الربح الوفير غير المعقول للأقلية القديمة - الجديدة من البورجوازية البيروقراطية والطفيلية والنخب المتنفذة السياسية الحاكمة في بلادنا اليوم!. منذ ذلك الوقت ، والأسعار تشهد ارتفاعات متواصلة لم تشهد البلاد مثلها من قبل فيما عدا الفترة التي تلت فرض العقوبات الاقتصادية الدولية على العراق والحصار الاقتصادي في تسعينيات القرن المنصرم !.... عدوى ارتفاع الأسعار صارت كالمارد الخارج من القمقم لا يستطيع أحد ايقافه. ارتفعت أسعار جميع السلع الغذائية والاستهلاكية الأساسية ، والسلع الزراعية ، واسعار الملابس ، وأسعار الخدمات. وأنهك هذا الوضع مستوى معيشة الملايين من الفقراء، الذين ظلت القوى الشرائية لدخولهم تتراجع طوال السنوات الماضية... وهو ما انعكس في عودة عدد غير قليل من الموظفين الى ممارسة مهنهم الحرة ( سواق تاكسي ... تصليح المعدات الكهربائية ... الخ ) بعد الدوام الرسمي واثناءه لعدم قدرتهم على الوفاء باحتياجات أسرهم ، وتفاقم عطالة الشبيبة العراقية التي تملأ (جنابرهم) شوارع الوطن ولا تتعلم سواعدهم غير دفع عربات الحمل الحديدية والخشبية .
ان ما ضاعف تأثير ارتفاع الأسعار العالمية على الاقتصاد العراقي هو خرابه وعجز ميزانه التجاري ودنو معدلات الاستثمار وعموم النشاط الاقتصادي بفعل العقوبات الاقتصادية والاحتلال ، لدرجة انه يستورد تقريبا كل شيء من الخارج. لقد تصاعدت معدلات الدولرة في الاقتصاد العراقي لتصل الى معدلات مرتفعة للغاية وتزيد من حساسية الاقتصاد لسعر الصرف أكثر فأكثر.... الى جانب ظاهرتي المضاربة وغسيل الاموال . ووضع الدولار الأمريكي وأثره على الأسعار ينبعان بالأساس من أوضاع الاقتصاد العراقي الهيكلية وفساد برجوازيتنا وحكومتنا وسياستها الاقتصادية. فالاحتلال وسلحفة معدلات النمو الحقيقي ، بالقياس لطاقات المجتمع من ناحية، والاحتياجات المتصاعدة للسكان من ناحية أخرى، هي الأساس في فقدان المناعة تجاه أي تطور اقتصادي ولو طفيف الأثر. في هذا الوضع الاقتصادي السيء للغاية وبدلا من زيادة الدعم المقدم لأسعار السلع الأساسية كاجراء مسكن لتحجيم ارتفاع الأسعار ، وخوض معركة السلعة الوطنية التي تعني خلق الالاف والملايين من فرص العمل الجديدة والمنتجة للعاطلين ... جاء القرار الخاص بزيادة أسعار الوقود لتهشيم دخول الفقراء لا لحمايتها كما ادعت الحكومة العراقية . ارتفاع الأسعار كشف عن عمق أزمة نظام ما بعد التاسع من نيسان .. وعن انحيازه الشديد ضد جماهير الفقراء في بلادنا مما يؤدي إلى مزيد من التردي في أحوالهم. ارتفاع الأسعار دائما ما كان القشة التي تقصم ظهر البعير."سلام كبة/ زيادة أسعار الوقود ... حماية دخل الكادحين ام افلاس حكومي".لقد جاء القرار الخاص بزيادة أسعار الوقود ضمن سلة اجراءات اقتصادية حكومية مفروضة كاشتراطات من قبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومجموعة الدول المسماة (مجموعة نادي باريس) وكدفعة اولى للتضخم الذي لم ولن يقف عند حدود معينة .وهذا التضخم يمكن أن يتعمق اكثر بتطبيق باقي الشروط المتمثلة بالغاء البطاقة التموينية التي تمثل سلة الغذاء الرئيسة لغالبية سكان العراق(70%) ويمكن ان يتعمق أكثر بخصخصة القطاع العام التي تعني زيادة نسب البطالة في البلاد، واللحاق بركب العولمة من خلال الانضمام الى منظمة التجارة العالمية والذي يعني قتل الصناعة الوطنية والمنتجات الزراعية المعدة للتصدير او المسوقة الى السوق الداخلية وعدم امكانيتها على منافسة السلع الخارجية." د. ضياء صافي/ مواجهة التضخم بسياسةاقتصادية متوازنة وشمولية لتحقيق الرفاهية".
قبل ذلك جرى اقرار الدستور العراقي الدائم الذي صوت عليه في 15 تشرين الأول 2005 رغم نواقصه وعيوبه في ميادين فصل الدين عن الدولة واحترام التعددية السياسية والدينية والقومية والمذهبية والفكرية...الخ ،واستقلالية القضاء، وضمان حرية الصحافة والمؤسساتية المدنية ،ووضع الثروات الوطنية كالنفط والكهرباء .. الخ خارج حدود امكانيات الخصخصة....، وتنكره للشرعية الدولية لحقوق الانسان! رغم ان المادة ( 142 ) نصت على انشاء لجنة برلمانية لصياغة التعديلات النهائية على متن الدستور، وعرضها على العراقيين في استفتاء جديد.في الدستور العراقي الدائم ( المواد "110 ، 111 ، 112 ، 114 ، 115 ") للاقاليم والمحافظات الكلمة النهائية للسياسة النفطية و لسياسات التنمية والتخطيط العامة ، و يستطيع اي اقليم (او حتى محافظة) ان يصدر قانونه النفطي الخاص لتضيع ثروة العراق كاملة في متاهات الفوضى والفساد . "فؤاد قاسم الامير/ملاحظات حول مسودة قانون النفط والغاز العراقي". الا كان الاجدر بالحكومة العراقية ان تتأنى قليلا وتنتظر تنفيذ المادة ( 142 ) من الدستور الدائم اولا قبل الشروع بالموافقة على قوانين النفط والغاز المصيرية لأجيال الشعب العراقي القادمة؟ من الجدير بالذكر ان الدستور الدائم كان خطوة تراجعية خطيرة عن "قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية" الذي ضمن مركزية الثروة الوطنية!.
خلا البرنامج السياسي للحكومة العراقية التي يتزعمها نوري المالكي من اية منهجية اقتصادية لدعم قطاع الدولة وضمان مركزية الثروة الوطنية وضوابط ضمان المساءلة المالية والإدارة السليمة لها ، ومسؤولية الدولة تجاه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ومنها الفقر والبطالة والضمان الاجتماعي والتنمية البشرية والخدمات العامة ، فكان برنامجا ، حاله حال الدستور الدائم ، لم يحو إلا فقرات محدودة جداً ومبهمة حول المسائل الاقتصادية وواجبات الحكومة في مجال الإدارة الاقتصادية وتجاه حقوق المواطنين الاقتصادية ورعاية مصالحهم.... وشرعنة منح الدولة الوطنية القدرة على تنظيم الاقتصاد وتوجيه الموارد الوطنية لمصلحة الشعب، ووضع شروط التعامل الدولي المناسبة للبلاد....ان احد اهم اسباب ظاهرة التضخم في العراق كظاهرة ملزمة ناجمة عن اختلالات هيكلية عميقة وتدهور في انتاجية قطاعات الاقتصاد ،لاسيما قطاعي الزراعة والصناعة التحويلية، وارتفاع معدلات البطالة... وظاهرة مواكبة وعصية على المعالجة في الاقتصاد العراقي هو انعدام المنهجية الاقتصادية الى جانب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية أو الزيادة في السيولة النقدية، فاذ كان الاقتصاد في عهد النظام السابق اقتصاداً هجيناً، لا هو بالاقتصاد الموجه بشكل كامل ولا هو بالاقتصاد الحر، فضلاً عن انه كان اقتصاداً مغامراً وقصير النفس، يعتمد على نظريات ومناهج شتى تحمل التناقض فيما بينها ،ولايتصف بالسمة الموحدة لهياكله وآلياته وبناه، ويمكن وصفه بالتبعية للقرارات السياسية المتقلبة والمتعجلة..... فان اقتصاد ما بعد سقوط النظام ما زال غير خاضع لنظم او سياسات محددة، تستشرف آفاق المستقبل." علي دنيف حسن / رؤيـة فــي أســباب الـتـضخم".وضمن مبادىء وأسس البرنامج السياسي الحكومي ورد الآتي في الفقرات (13- 19):
 وضع خطة تنمية شاملة للبناء والإعمار مع الأخذ بنظر الإعتبار واقع الحرمان والمظلومية والتخلف الذي أصاب المناطق والسكان بسبب السياسات والإستبداد للنظام البائد.
 تنشيط عملية إعادة الإعمار وإعطاء الأولوية للمناطق المحرومة والمتضررة.
 الإسراع في تأهيل قطاع الطاقة الكهربائية.
 تنظيم إدارة قطاع الهايدروكاربونات ( النفط والغاز ) بإصدار تشريع لهذا الغرض وبما يضمن حقوق الأقاليم عند تشكيلها ، والمحافظات ، وفق ماورد في الدستور.
 تشجيع الإستثمار وإستقطاب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية بما يساهم في التنمية والإعمار وبما يحفظ الوحدة الوطنية.
 الإهتمام الفائق بالقطاعين الزراعي والصناعي ووضع القوانين والقرارات وتقديم الدعم الحكومي الكفيل بإنمائها.
 الحكومة كل متحد معبر عن العراق وشعب العراق الذي إختارها عبر آليات الإنتخاب الحر ، وتنظم علاقة بين الحكومة الإتحادية وحكومات ومجالس الأقاليم والمحافظات بما يعزز المبدأ الإتحادي واللامركزية في بناء الدولة وتطوير العلاقات الإتحادية بين مكوناته في العراق.
رافق وضع الحكومة العراقية لبرنامجها السياسي الاقتصادي ان وضعت مختلف القطاعات الاقتصادية لخططها الخمسية والعشرية الفاشلة لاستنادها الى شروط مستحيلة وحلول غير واقعية . وقد أصدرت وزارة الكهرباء العراقية في حزيران 2006 الخطة المركزية للاعوام 2006- 2015 والتي نشرت في التقرير الاميركي نصف السنوي للمفتش العام المنتدب لمشاريع العراق في تموز 2006 ، فجاءت الخطة استمرارا لذهنية التخطيط ذاتها والتي سيطرت على ادارات تجهيز الكهرباء في العراق منذ ستينيات القرن الماضي، وقبولها بالتفكير التقليدي السائد كقواعد منزلة لا يجوز الخروج عنها. وجاء التقرير خالياً من أي مستندات او دراسات أو تحليلات للأوضاع المستجدة في البلد منذ ذلك الوقت وانعكاساتها على عمل المنظومة الكهربائية الذي لا يحسد عليه حالياً. لا تتضمن الخطة تفسيرات او عرض حلول للمشكلات الحادة التي تعاني منها منظومة الكهرباء الوطنية، تتعلق بالفروقات بين نوعيات وكميات الوقود التي تزود بها محطات توليد الكهرباء، وبين الحاجة الحقيقية لتوليد الطاقة كمّا ونوعا. ويظهر جليا من هذا التقرير وتقارير وزارة الكهرباء الاخرى مدى سوء التخطيط الذي يرتسم عمل الوزارة عبر اهمال التركيز ( عن عمد و سبق الاصرار) على العقود الموقعة سابقاً لإنشاء الوحدات الحرارية بسعات كبيرة جدا مع الشركات الروسية والصينية والألمانية، والتركيز بدلا عن ذلك على بعض الأنواع من الوحدات الغازية المصنفة بالمراجع الهندسية المعروفة على أنها (Retired and Obsolete ) . وتشارك وزارة النفط العراقية بجريمة إهمال التركيز على توفير الغاز الطبيعي. والى جانب ذكر الحاجة الى 23.3 مليار دولار بالعملة الصعبة لفترة العشر السنين الآتية لا تحدد الخطة ان كان هذا المبلغ يتضمن الوقود الاجنبي التي يحتاجها القطاع في هذه الفترة. كانت الخطة كبقية خطط قطاعات الاقتصاد الوطني عبارة عن تقرير مدرسي لاوضاع افتراضية وتعكس التخبط والفوضى لا في الواقع الاقتصادي الراهن بل عند مسؤولي الحكومة العراقية نفسهم !.
لقد شجع الدستور الدائم وتخبط البرنامج الحكومي والخطط الدورية للقطاعات الاقتصادية على اعداد القوانين التي تغيب بشكل مرسوم ومتعمد، كل مصطلحات "التنمية" و"التحرر الاقتصادي" و"التقدم الاجتماعي" و"العدالة الاجتماعية" ، لتتحول الخصخصة في نهاية المطاف الى إعادة توزيع الثروة لصالح البورجوازية المحلية والأجنبية وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل أصولها الإنتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته.... قجاءت القوانين التالية تباعا لتعكس الطابع الطبقي لسلطة الدولة وسياستها في الميادين الاجتمااقتصادية ودور الوشائج الاصطفائية دون الوطنية في تمريرها.(3)
1. قانون استيراد وبيع المشتقات النفطية
2. قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 الذي أقره مجلس الرئاسة في 30 نوفمبر 2006
3. مشروع قانون النفط والغاز الجديد
4. مشروع قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام
لم تحل ازمة الوقود الحادة طبقا لقانون استيراد وبيع المشتقات النفطية الذي اقر في في 6 ايلول 2006 بسبب أرتفاع أسعار المشتقات النفطية المستوردة لشركات القطاع الخاص أو الأجنبي (غير المدعومة من الدولة) بالمقارنة مع سعر المشتقات النفطية المنتجة من قبل المصافي العراقية أو المستوردة من قبل الدولة والتي تباع للمواطنين بشكل مدعوم! في ظل التضخم الهائل الذي تشهده الدولة العراقية الآن، مع الخشية من خلط المستورد ( غالي الثمن ) وغير المدعوم من الدولة مع المنتج محليا (رخيص الثمن) مع انعدام آليات المراقبة اللازمة لذلك كون الدولة عاجزة عن إحكام الرقابة وضعف جهاز التقييس و السيطرة النوعية في العراق وضعف قوات الأمن في السيطرة!.اما قانون الاستثمار رقم 13 الذي استثنى في مادته رقم 29 الاستثمار في مجالي استخراج وإنتاج النفط والغاز والاستثمار في قطاعي المصارف وشركات التامين لإحكام هذا القانون الا انه بمواده الاخرى قد عبد الطريق لسن مشاريع قوانين النفط والغاز الجديدة اللاحقة !. فقد فتح هذا القانون الابواب مشرعة للاستثمارات الاجنبية ومتاهات الخصخصة في ميادين حيوية كالطاقة الكهربائية والصناعات التعدينية والصناعات الميكانيكية ...ولا يجوز نقض العقود المبرمة وفق هذا القانون! الذي أجاز العقود التي تصادق عليها هيئة الاستثمار ( حتى وان اكتشف عدم مطابقتها لبعض النصوص القانونية ) لان الهيئة لها صلاحيات دستورية فيجاز العقد وتحاسب الجهة المقصرة !.وضمن الفصل الثالث من القانون حرية حركة الراسمال وانتقاله بانسيابية عالية،وحق التداول في سوق العراق للأوراق المالية بالأسهم والسندات ،وحق استئجار الأراضي اللازمة للمشروع أو المساطحة وكذلك فتح حسابات بالعملة العراقية أو الأجنبية كليهما وحق الإقامة لغير العراقي. كما يتمتع المشروع الحاصل على إجازة الاستثمار إعفاء من الضرائب لمدة (10) سنوات قابلة للتمديد.لقد نوهنا سابقا ان انعدام الشفافية في إرساء مشاريع الإعمار الكبرى وعمليات العطاءات أو المناقصات المغلقة أو السرية المتعلقة بها يؤدي إلى الفساد والإفساد مما يضعف من جهود توطيد سيادة القانون في العراق ، فضلاً عن تبديد الموارد التي يمكن أن تستخدم لمصلحة الشعب العراقي . فثمة حاجة ملحة لضمان عدم تحول الرساميل الأجنبية إلى قوة تزيد من تفاقم انتهاكات حقوق الإنسان في بلادنا.
إن عدم الكفاءة والفساد المالي والإداري في القطاع العام لم تحدث بسبب عدم السير "بالإقتصاد الحر"، وإنما العكس هو الصحيح، إذ بدأت واستشرت بعد تعزيز الدكتاتورية وقيامها بقمع الشعب العراقي وافتعالها الحروب الكارثية ، وعملها جاهدة اصلا لتطوير الإقتصاد نحو "الإقتصاد الحر". تفشى الفساد المالي والرشوة والعمولة بدرجة كبيرة في التسعينيات واستفحلت هذه المظاهر اليوم لأنها ملازمة للإقتصاد العراقي الحر !. ماذا يتوقع من معامل مدمرة ومهملة ولا تستطيع الإنتاج إلا بحدود 10% من طاقاتها، ولا تتوفر لديها المواد التشغيلية المستوردة أو الادوات الإحتياطية؟، وكيف يتوقع من معامل أن تنجح وأن تربح مع الإصرار على ان يكون السوق حراً تماماً ؟ . ان نجاح الإقتصاد يعتمد على القيادات الموجودة ومدى كفاءتها وفعاليتها ونزاهتها واعتمادها على الشعب ، وكذلك في الاستفادة من تجارب الآخرين.
يمهد قانون الاستثمار رقم 13 لخصخصة القطاع الصناعي العراقي التي لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال من الأوليات الآنية وخصوصاً في الوضع السياسي والإقتصادي والامني المتردي الحالي، ومن غير المعقول أو المنطق أن تباع المعامل والمصانع وهي متوقفة عن العمل بالاساس.وعليه فان الدافع هو محاولة فتح العراق أمام الإستثمار الأجنبي الرافض لكل اشتراطات الحكومات الوطنية، والذي لا تهمه المتطلبات المعاشية للشعب أو تنمية البلد.... أي ربط العراق بالعولمة الرأسمالية.ان معظم المصانع في العراق توقفت عن العمل او تباطأت منذ الغزو الاميركي للعراق في 2003. بعض هذه المصانع مزودة بآلات حديثة او تملك تجهيزات على درجة جيدة من الاداء ويمكن تشغليها بسرعة..... ان التوقف التدريجي للشركات التابعة للقطاعات العامة والمختلطة والخاصة على السواء، ثم ما لحقها من وقائع تعطل اجهزتها وخطوط انتاجها بل قل عمليات النهب والسرقة التي تلت تلك المرحلة ، حول بعض هذه الشركات وبعد أن انتهبت معظم المواد الخام فيها وفككت الأجزاء المهمة والقابلة للانتزاع من مكائنها الى ساحات خربة.ان النهوض مجددا بهذه المشاريع لتستعيد عافيتها من جديد لابدّ من أن يحمل المعنيين على التفكير باستعادة سياقات العمل السليمة والتشريعات المفعّلة للانتاج في ذات الوقت الذي يجدر أن يتم السعي فيه لاستعادة قدراتها التقنية والفنية.اما التفكير بالخصخصة كمنفذ اوحد للحل فتلك هي المأساة بعينها ! لقد الغت القرارات البريمرية المزاجية علاقة الشركات بجهاتها القطاعية.هذه الاجراءات التعسفية غير المسبوقة في سياقات عمل الشركات المساهمة العراقية ترك فراغا كبيرا ليس في غياب متابعة الوزارات والهيئات ذات الاختصاص فحسب لفعاليات الشركات ذات العلاقة،وانما أدى الى حرمان تلك الشركات من وسائل دعم مادية واعتبارية كانت تتمتع بها لتنشيط ادائها وتواصل انتاجها ومتابعة تطويره.ان شراء المعامل من قبل الأجنبي ستؤدي بالتأكيد إلى تسريح أو تقليص العاملين وستزداد البطالة بأفواج جديدة وإلى سنوات عدة مقبلة ،وتذليل دخول الرأسمال الأجنبي يجب أن يكون في المشاريع الجديدة وليس لشراء الأصول الموجودة ،وهناك مشاريع عديدة تقدر بالمئات من الممكن الدخول بها إلى العراق.الحل السليم هو في الإبقاء على المعامل الحالية واستمرار تشغيلها بطاقاتها الاستيعابية لأن ذلك يساعد في الإستقرار الإجتماعي وتقليل البطالة بالإضافة إلى تقليل الإستيراد لمواد مهمة جداً. ومن الضروري رعاية القطاع الخاص العراقي رعاية خاصة للسماح بنهوضه ومشاركته في إعادة اعمار بلادنا عن طريق تسهيل القروض والمساعدات المالية والخدمية له، ووضع الرسوم الكمركية لحمايته ، ورفع الضرائب عنه"فؤاد قاسم الامير/دراسات انترنيتية". ان القطاع الخاص العراقي هو غير مؤهل حاليا لأخذ زمام المبادرة في استملاك المنشآت التابعة للدولة، والسبب يكمن في ضعف الامكانات المادية والتقنية للصناعيين واصحاب المهن التجارية.
تلى ذلك تجاهل القانون رقم (4) الخاص بالموازنة الفيدرالية للسنة المالية 2007 عملية التطور والتنمية الاجتماأقتصادية وتلبية الاحتياجات الملحة لأبناء الشعب العراقي ارتباطا بكل ما يحيط به في الظروف الراهنة والقضايا الملتهبة كالبطالة والبطاقة التموينية والحماية الاجتماعية والحيلولة دون حدوث تضخم كبير والارتفاع في الاسعار الناجم عن رفع الدعم عن اسعار المشتقات النفطية،وفوضى الانفاق الحكومي وتواجد الاقتصاد الخفي .... ليصبح الطريق معبدا للحكومة العراقية كي تطرح مسوداتها لقوانين النفط والغاز الجديدة التي يراد بها ان يعود العراق القهقرى عشرات العقود الى الوراء والتي لا تدل على الغباء المفرط بتاريخ حركة شعبنا الوطنية بل الجهل المطبق بالقضية النفطية العراقية ...
يمكن تجسيد مشروع قانون النفط والغاز الجديد في ثلاثة محاور : آليات هيكلية وزارة النفط ومؤسساتها ، آليات اعادة تأسيس شركة النفط الوطنية ، والمحور الاخطر " آليات الاسنثمار الاجنبي للنفط العراقي وفق مبدأ المشاركة والانتاج سئ الصيت والذي اطلق عليه في القانون تحببا مبدأ التطوير والانتاج ."ولم يتضمن المشروع قنونة الصناعة النفطية التحويلية والتوزيعية و الخدمياتية التي خصصت لها مسودة قانون آخر هو قانون "الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام" .هكذا وسط ضجة إعلامية كبيرة، أعلن مجلس الوزراء العراقي عن موافقته على مشروع القانون المراوغ الذي يسمح للرأسمال الأجنبي بالاستثمار في صناعة الاستخراج النفطي العراقية، ويحدد الأسس التي سيتم بها توزيع العوائد النفطية بين المناطق.ومثلما اسهمت الولايات المتحدة وبريطانيا بفعالية في اصدار القرار 1409 عام 2002( العقوبات الذكية ) والذي وصفه( جون نيكروبونتي) السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة بالإنجاز فنيا وسياسيا بينما اعتبره (سيرغي لافروف) السفير الروسي لدى الأمم المتحدة آنذاك خطوة على تسهيل نظام استيراد المواد الإنسانية والمدنية ، فانهما يحاولان التملص من تبعية معاناة ومآسي الشعب العراقي هذه الايام باتفاقيات الشراكة الذكية في الإنتاج النفطي والتي تعني ان الدولة تسيطر نظريا على النفط بينما تقوم الشركات المتعددة الجنسية باستخراجه بموجب عقود وتبقى نشاطات الدولة، من ناحية عملية، مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقود(عقود مشاركة الإنتاج Production sharing agreements (PSAs)- التنازل عن مصدر سيادة العراق / كريج موتيت/PLATFORM/www.crudedesigns.org/ نوفمبر 2005).وتعتبر عقود مشاركة الإنتاج التي نص عليها مشروع قانون النفط والغاز الجديد الذى وافقت عليه الحكومة العراقية قبل أيام وقدمته الى مجلس النواب، إعادة تصميم جذرية لصناعة النفط العراقية، تنقلها من الملكية العامة إلى الخاصة، والدافع الاستراتيجي لهذا الأمر هو سعي الولايات المتحدة وبريطانيا لتحقيق "أمن الطاقة" في سوق مضطرب ، وحاجة شركات النفط متعددة الجنسية " لحجز" احتياطيات جديدة تؤمن لها النمو في المستقبل. ورغم ما فيها من عيوب بالنسبة للاقتصاد العراقي والديمقراطية في البلاد، يجري فرضها في العراق دون طروحات ومناقشات عامة وصريحة. وتعتبر نظم المشاركة انتزاعا لحقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها ، ولكن باسلوبا ملطفا هذه المرة (تحريم التطرق الى النفط / ديفيد ادواردز / ميديا لينس الالكتروني)!. بالشراكة في العائدات وسيطرة الدولة على الثروات تحت الأرض ، في الواقع ، لا يعني سوى أدوات حرفت لصالح الشركات النفطية الانجلو- أميركية لدرجة أنه ليس لها نظير في عالم النفط اليوم. في اتفاقيات الشراكة في الإنتاج، تقوم الشركة الخاصة بتوفير الاستثمار، أولا في التنقيب ومن ثم الحفر وبناء البنية التحتية... ثم يتم تخصيص الحصة الأولى من النفط المستخرج إلى الشركة، التي تستخدم مبيعات النفط لاسترداد تكاليفها وقيمة الاستثمار الرأسمالي، والنفط الذي يستخدم لهذا الغرض يسمى (نفط التكلفة). وهنالك عادة قيود على الحصة من إنتاج النفط في كل عام التي ستحسب (كنفط تكلفة). وحالما يتم تحصيل التكاليف، تقسم (أرباح النفط) المتبقية بين الدولة والشركة في نسب متفق عليها. وعادة يتم تحصيل الضرائب من الشركة على أرباحها النفطية. وقد تكون رسوما معينة ترفع على كميات النفط المنتج..."سلام كبة / لعبة السيطرة على نفط العراق من الابواب المغلقة الى الباحات المكشوفة"(4).غير خاف على احد انه من الناحية السياسية والامنية لابد من الابتعاد عن الشركات الاميركية قدر المستطاع لأنها تخلق المشاكل الدائمة للعراق. ولوبي الشركات النفطية قوي جدا في الولايات المتحدة ويحرك الحكومات ضد اية مطالبة مقبلة لاية حكومة عراقية ديمقراطية مقبلة في تعديل صيغ لية عقود مبرمة لتحقيق مصالح العراق، ولايقبل بالحلول الوسطى وحل المنازعات سلميا، اذ دائما يفكر ان العسكرية الاميركية وشركات المقاولات الخاصة معه. اذ تعتبر شركات المقاولات الخاصة عنصرا حيويا ومهما في حرب العراق، بعدما اصبح اعتماد القوات العسكرية متزايدا عليها لانجاز عمليات تقليدية خاصة بالجيوش والحراسة والمطار وتوفير قاعدة امنية في الشوارع. وتبعا للتقديرات الحكومية فإن شركات المقاولات تشكل 40 % من مجموع الجهود التي يبذلها الجانب الأميركي في الحرب. وتبعا للاسطول الاميركي المركزي فإن حوالي 100 الف مقاول وآخرين غيرهم يعملون بعقود من الباطن، منهم عراقيون واميركيون واجانب يساندون القوات الاميركية الآن في العراق... على العكس من ذلك، هناك حوالي 138 الف جندي اميركي في العراق، اضافة الى 15 الفا من قوات الائتلاف.ووجود هذا العدد الضخم من شركات المقاولات مع عدم تحديد عملها يعتبر إحدى القضايا المبهمة والخطيرة التي نتجت عن الحرب. ستكون دائما هناك مشاكل مع اميركا وتهديد بالحرب او المقاطعة وخلق الفتن لأننا في قلب الشرق الاوسط الملتهب.... علما ان الشركات النفطية الاحتكارية الاميركية تركض وراء الحقول النفطية "العملاقة" .
لا ينتهي أمر سرقة النفط العراقي عند هذا الحد، فإن مجرد الموافقة على مثل هذه العقود المعلنة مع الشركات الأجنبية أمر يفتح الباب أمام المتنفذين من أبناء المناطق المختلفة من العراق ومن رموز الولاءات دون الوطنية والذين أسسوا شركاتهم وينتظرون الموافقة على تلك العقود ليطالبوا بالمعاملة بالمثل، وهذا يعني أنهم سوف يطالبون بعقود مشابهة لشركاتهم التي تنظر الإشارة الأخيرة للانطلاق نحو العراق. إن هذا النوع من العقود فيما لو منحت فإنه يعني أن الفساد المالي يريدون له أن يخضع أيضا للاستحقاق الانتخابي والمحاصصة الطائفية، لأن هذا النوع من العقود سرقة مقوننة بقوة المليشيات والسلاح الخارج على القانون، أو التهديد بتقسيم العراق إلى دويلات لا تستطيع العيش لأكثر من أيام، كذلك الوليد الذي يرى النور وهو في الشهر السادس. "فؤاد قاسم الامير/ ملاحظات حول مسودة قانون النفط والغاز العراقي ".
ليست القضية النفطية مجرد عمليات تجارية كما تحاول الشركات الغربية تصويرها ، انها جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي في العراق. وباتت معالجة القضية النفطية الحلقة المركزية في مطالب واهداف الحركة الوطنية العراقية والاحزاب السياسية التقدمية وعموم الحركة الديمقراطية في بلادنا ، كافح الشعب العراقي من اجلها في مختلف مراحل تطوره السياسي حتى يومنا هذا !. ان الموقف من القضية النفطية هو الذي يحدد ماهية اية حكومة او مؤسسة سياسية ومنظمة مجتمع مدني ودرجة ارتباطها باهداف الشعب في التحرر الوطني الديمقراطي والتخلص من الاحتلال والهيمنة والتبعية والتخلف والاستغلال ، وفي المضي قدما في طريق التقدم الاجتماعي اكثر مما تحددها الخطابات والشعارات البراقة والتهريجية او الاجراءات الميكافيلية المبتسرة التي تؤدي شئنا ام ابينا الى تفريق وحدة الشعب الوطنية واضعافها امام المعالم الزاحفة للعولمة الرأسمالية . ان وحدة الرأي والعمل في الموضوعة النفطية هي نقطة البدء والانطلاقة في الوحدة الوطنية التي تسير بالبلاد نحو شاطئ الامان والتقدم بثبات راسخ وتنهي عهود التمزقات السياسية والارهاب والقمع والقسوة والبلبلة والخوف والتأخر!."سلام كبة / حذار .. شركات النفط الغربية على الابواب مجددا !!".
بالامتيازات تنتزع الشركات الاحتكارية حقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها ، وبها تجمد العلاقات بين الطرفين لآماد طويلة تبلغ عشرات الاعوام !. ونظم المشاركة هي الاخرى انتزاعا لحقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها ، ولكن باسلوبا ملطفا هذه المرة !. ومسودة " مشروع قانون النفط والغاز الجديد " الحالي وسيلة حرب ، وسيجد كل العراقيين انفسهم تحت نفوذ قوى ليست غير شرعية فقط ، بل تمارس الجريمة والحرب باسم قانون اصدره العراقيون انفسهم في زمن كسيح وفي بلد تمزقه الحرب وتشظياتها ! . هل يضيّع المسؤولون العراقيون اليوم التاريخ الوطني النضالي للعراق والعراقيين ؟! ويعيدون سجن الاقتصاد العراقي في زنزانة لا يستطيع ان يتنفس منها الا بشق الانفس ليجر تكبيّل سيادة العراق وتقييد ارادة العراقيين والعمل على شرذمتهم ، بالوقت الذي سيحافظ على مصالح الشركات الاجنبية؟! .. نعم ، انه الفخ العميق الذي سيغرقنا وسيقطعنا اربا اربا ! . ان وجوب اصدار قانون اتحادي للنفط والغاز بصيغته الراهنة لا يمثل اجندة عراقية ملحة، وانما يتم بضغوط مختلفة تخدم اجندة اجنبية. انه تشريع قانون لسرقة النفط العراقي.
ان الحكومة العراقية ووزارة النفط ان ارادتا فعلا تطوير الحقول دون الدخول في عقود المشاركة سيئة الصيت ، عليهما البحث عن مصادر تمويلية نموذجية وانجاحها، وبذلك تحفظ حقول العراق، ولاتسمح بالدخول من الشبابيك للالتفاف على التأميم.... سيجد العراق مصادر كثيرة للتمويل على هذا الاساس في آسيا، واوروبا الغربية.... ان الرغبة في جلب إستثمارات لتطوير صناعة إستخراج النفط في العراق هي رغبة موضوعية ، ولكن لابد من وجود إستراتيجية وطنية لتوجيهها لخدمة مصالح الشعب العراقي الحقيقية.لابد من النظر الى الثروة النفطية كملكية عامة لجميع ابناء الشعب العراقي ،ومن وجود سلطة مركزية شفافة تتعاون مع كافة الهيئات والحكومات المحلية والاقليمية لوضع إستراتيجية وطنية عليا وفقا لمبادئ وحدة العراق الوطنية ولقواعد الإستغلال الأمثل لموارده، وطبقا للأهداف الوطنية العليا لعراق موحد ديمقراطي تسوده العدالة الإجتماعية. ومن خلال إطار هذه النظرة الوطنية الشاملة، يمكن النظرالى مضامين وقواعد كافة القوانين... وفي مقدمتها قانون النفط والغاز في العراق." د. كامل العضاض/قراءة أولية في مسوّدة قانون النفط والغاز في العراق- نفطنا، رصيدنا الكبير، أم مسمار نعشنا الأخير".ان الاستعجال في الموافقة على مشروع القانون يعكس مدى حاجة الحكومة العراقية وحكومة بوش إلى أن تظهرا للعيان أنهما قد حققتا بعض النجاح.. حتى لو كان هذا النجاح تجميلياً مثل مشروع قانون النفط العراقي الجديد. إن القانون فضفاض للغاية وليس له من معنى ." خبراء عراقيون في الطاقة يقدمون توصيات بشأن قانون النفط/ ندوة عمان في 17/2/2007".
قدم قانون "الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام" هو الآخر الى مجلس النواب من أجل المصادقة عليه دون عرضه على الشعب قبل إقراره من قبل الحكومة وعرضه على البرلمان. لم يلزم القانون الشركات بتقديم الضرائب ولا الريع ولا النهاية لعقودهم ولا أي شروط أساسية أخرى! ولم يلزم وزارة النفط بأن تضع نموذج للعقود بين هذه الشركات والحكومة تكون محكمة من الناحية القانونية بحيث تلزم الشركات بشروط التعاقد ولا يسمح لها بالتلاعب بحق العراق والعراقيين بأي حال. لم يوضح القانون مدى تمسك المستثمر بقوانين البلد اي احترام المستثمر الأجنبي للسيادة الوطنية. "حمزة الجواهري / ملاحظات على قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام".
• العقلية التبريرية المريضة واعادة تجربة دكتاتورية البعث بنسخة مجددة ملطفة
وافقت الحكومة العراقية على مسودتي مشروع قانون النفط والغاز الجديد و قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام وقدمّتهما مؤخرا الى مجلس النواب للتصويت عليهما واقرارهما من دون ان يفهم كل العراقيين ما الذي تتضمنه هذه القوانين . ولماذا يتم الاستعجال فيهما والعراق يمر بأصعب مراحل تاريخه على الإطلاق ! ولماذا تمّرر بسرعة ولم يبّت حتى يومنا هذا بالدستور الدائم الذي اتفق الجميع على إجراء تعديلات فيه ؟ علما بأن هناك من اعترض على تشريع الدستور في العام 2005 باعتباره مصدر السلطات ولا يمكن أن يتم الإسراع في الاستفتاء عليه والعمل به والبلاد تمر في حالة مزرية يرثى لها .. وهاهي نفس الجهات ذات العلاقة تتقدم اليوم بمشاريع القوانين الخطيرة ..... وسيسجل تاريخ العراق السياسي والاقتصادي في المدى المنظور والبعيد أسوأ الخطوات الغبية اللا مسؤؤولة في حياتنا ، والمتنكرة لمسيرة ثورة 14 تموز المجيدة 1958 ، إبان القرن الواحد والعشرين . لقد عودتنا العقلية التبريرية المريضة بالقاء التهم جزافا دون تمييز لا للذين ينتقدون هذه المشاريع بل لأنتقادهم وفضحهم الطائفية السياسية التي تحكم بلادنا اليوم .. عودتنا هذه العقلية المسخ بمطالباتها الرعية السير خلفها قطعانا غوغائية لتمجيد إسلام الخرافة واللاعقلانية والتطرف والعنف والتباغض والاحتراب والطائفية والضحك على الذقون لا إسلام العقل والعقلانية والإنسانية والاعتدال والمحبة والسلام والعلمانية!متى وكيف تفهم هذه العقلية انها ليست وصية على العقل والعلم ؟!
لقد أكد معالي وزير النفط أن العراق نجح في مباحثاته مع صندوق النقد الدولي لتخفيض النسبة المتبقية من ديونه والبالغة ---- % من أصل ---- % التي تم تخفيض ---- %منها العام الماضي. وأضاف معالي الوزير أن الوفد العراقي استطاع أيضا إقناع وفد صندوق النقد الدولي بسحب مطلبه القاضي برفع أسعار المشتقات النفطية إلى مستويات الأسعار العالمية والإبقاء على مقترح رفع الأسعار بنسبة ---- %، لكون الوضع المعيشي للشعب العراقي لا يسمح بفرض أكثر من هذه الزيادة..... مبينا أن الديون على العراق والبالغة 140 مليار دولار تم تخفيضها خلال الفترة الماضية على شكل نسب مقابل إصلاحات اقتصادية يلجأ إليها العراق، وفي مقدمتها رفع أسعار منتجاته النفطية، وقد استطاع العراق العمل بهذا الاتفاق. العراق بحاجة الى اتخاذ اجراءات وطنية وعراقية للحد من عمليات الشفط التي يمارسها المتنفذون من قائمة الائتلاف للنفط ومشتقاته .... ولازالت وزارة النفط العراقية تقوم باستيراد البنزين من دول الجوار ،ويعلم حسين الشهرستاني من هم الذين ينفذون عقود الاستيراد وماهي العمولات التي يحصلون عليها ، والمالكي يبارك تلك الممارسات مادامت تتم لصالح قائمته الطائفية. قبل ذلك اعاد حسين الشهرستاني وهو يستعرض منجزات حكومته ووزارته على شاشات التلفزة العراقية 28/12/2006 في اجتماع لمجلس الوزراء .. اعاد الى الاذهان المسار الدعائي التهريجي الذي اتسمت به السياسات الحكومية المتعاقبة في بلادنا منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة 1921 وحتى يومنا هذا . وبوقاحة متناهية برر الشهرستاني في سابقة يتبرأ منها الوسط الاكاديمي والعلمي العراقي الاخفاقات الحكومية والردة الحضارية وانهيار الخدمات العامة والتضخم الاقتصادي والبطالة .. لقد عبر عن الجهل المطبق بالقضية النفطية العراقية وكون النفط هو جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي في العراق.
من جديد يؤكد الشهرستاني ان وزارته قررت وضع الية جديدة لتوزيع المشتقات النفطية بين المحافظات تعتمد على ما متوفر من هذه المشتقات في المستودعات اسبوعيا و نسبة السكان في المحافظة... حيث ستوزع الكميات المقررة للمحافظات وفقا " لما هي متوفرة اسبوعيا" منها والمتحققة من الانتاج المحلي والاستيراد من دول الجوار على كل محافظة بحساب عدد سكانها وسيتكرر ذلك في الاسبوع التالي..وتأتي الاجراءات الجديدة في خط بياني مواز لأعتراف الشهرستاني ان بعض المحافظات كانت تصر ( انظر : تصر )على استلام كمياتها لتوفير المنتجات لسكان المحافظة بغض النظر عما هو متحقق ، وكان يسبب هذا الاجراء نقصا في تجهيز بعض المحافظات بحصتها كاملة ، فوجدت الوزارة ذلك منافيا للتقسيم العادل فقررت اعادة النظر بالالية السابقة واقرار الالية الجديدة التي تعتمد حساب الكميات المتوفرة اسبوعيا وتوزيعها على المحافظات وفقا للكميات المتوفرة ونسبة السكان. بالطبع لا يتطرق الشهرستاني الى تعدد صنوف الاحتيال والسرقة والنهب للثروة النفطية التي نحن بأمس الحاجة لها ، والمواطن يجد صعوبة بالغة جدا في الحصول عليها وتهدر ثروة بلد بالمجان مقابل صفقات لاخرين يجنون منها ارباحا فاحشة بالتواطؤ مع مسؤولين في الدولة ومشرفين على القطاع النفطي ، وما خفي كان اعظم..! نعم ، لقد تورطت الطائفية السياسية في عمليات تهريب النفط والعقود غير الفاعلة التي تعيق الاستيراد ..حتى باتت فضائح سرقات النفط تزكم الانوف الداخلية ، بعد ثبوت ضلوع السلطات الإيرانية في تهريب المشتقات النفطية !! نظام ولاية الفقيه يؤمن الحماية لسراق النفط العراقى! نعم ، ما أخطأته نيران الحرائق أصابته مخالب اللصوص !!. أفواج حماية أنابيب النفط تقود فرق الموت وتعمل بأيعاز من القوى الأرهابية.إن عمليات التهريب تقدر بحوالي 700 مليون دولار شهرياً كان يجب أن تدخل إلى خزائن الحكومة.ان تهريب النفط هو أستنزاف للثروة ووأد لحق الاجيال القادمة من ابناء الشعب العراقي !. الانفـراجات المؤقتة لإزمـة الوقود لا تعني حل المشكلة بل تجميدها كأبر المورفين وحبوب الهلوسة فالاقتصاد العراقي بشكل عام يغرق في ما يطلق عليه الركود التضخمي وعند مستويات تثير القلق في وقت ما زال قطاع النفط يعاني تدهورا في مستويات الإنتاج. يتسم اقتصاد الطائفية السياسية بغياب المنهج والتخطيط والثقافة الاقتصادية و فوضى الاتفاقيات الحكومية و بالعمليات الاقتصادية التي تدور في الخفاء بعيدا عن انظار الدولة وسجلاتها الرسمية، كعمليات غسيل الاموال وتهريب العملة والآثار والوقود والمخدرات والاسلحة وغيرها، بالاضافة الى الأموال المستخدمة في دعم الحركات والأحزاب السياسية، وهو اقتصاد غير خاضع لاجراءات السياسات النقدية والاقتصادية للدولة، بل تكون أطرافه بالضرورة أحد عوامل هدم الاقتصاد العراقي.
خلص تقرير الشفافية الثالث الذي اصدره مكتب المفتش العام في وزارة النفط العراقية، الى ان مجموع ما أضاعه العراق منذ اوائل عام 2004 بلغ 24 مليار دولار.كان الانتاج المخطط لعام 2006 (2.665) مليون برميل يوميا والمتحقق( 1.950) مليون برميل يوميا، والفارق 715 ألف برميل يوميا لتبلغ الخسائر (40.66 )مليون دولار يوميا. وبلغت نسبة الإنجاز السنوية للخطة الاستثمارية عام 2006 (17)% بواقع محلي و(6.9)% اجنبي.
العقلية التبريرية ماسوشية ، سادية ، متعصبة ، منغلقة الطابع واتسمت بها الصدامية بجدارة .ويبدو ان النخب السياسية الحاكمة اليوم لم تتعض من حنقبازيات العهد البائد وأعلامه الذي زخر بالمقالات والتحقيقات والتصريحات والدراسات - المهزلة التي تبرر دوغمائية البعث ونفعيته بعد ان تعددت شعاراته وعناوينه الاقتصادية التهريجية .وتفوت على العقلية التبريرية المريضة الحاكمة اليوم ان الطائفية السياسية لا تقدم للبلاد سوى الفكر الاسود وخزعبلات الفتاحفالجية وثقافة التخاريف الرجعية ومشاريع الجهاد ( احتراف القتل ) الى مالا نهاية .... لأنها في حقيقة الامر تهدف الى تحديد النسل الديمقراطي وتدعو الى التكاثر الطائفي في العراق وهي تعمل على تأسيس عراق منقسم طائفيا بدلا من عراق موحد ديمقراطيا. وفي جميع الاحوال تعتمد سياسات الاحتلال والشركات الغربية على التخاريف الاجتماعية حاملة هذه العقلية من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية من اصحاب العمائم واللحى والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات و المحتل ، وتسخير الحثالات الطبقية الرثة لخدمتها وفرض ديمقراطيتها بقوة السلاح والارهاب والقمع !..
أعلام ما بعد التاسع من نيسان او ما نطلق عليه أعلام الحقبة الليبرالية الجديدة لازال أسير مظاهر انهيار السلطة البائدة ولم ينطلق بعد ليتحمل مسوؤلية العهد الجديد وكشف المظاهر المتغيرة السريعة وسبر غور الأحياء الأرستقراطية وحتى المكاتب والكراسي الأرستقراطية التي تحولت جميعها الى ثكنات متميزة تتعاظم أرباحها وأرباح مالكيها من كبار الساسة والموظفين والتجار والعسكريين السابقين ومن أرباب الحكم المقبور ونخب الوشائج الاصطفائية الطائفية والعشائرية بحكم المصالح الأقتصادية والإدارية والحزبية والطائفية والقبلية المشتركة ! وبقي هذا الأعلام مع تعدد العناوين الصحفية والإذاعية والتلفازية والانترنيتية أحادي الجانب من القمة الى القاعدة ،ويعاني من المشاركة الجماهيرية الحقة ،ولا زال يلهث وراء الأحداث!. وفشل هذا الأعلام في الكشف عن متاجرة الأرستقراطيات القديمة والجديدة بالقيم الأجتماعية والأخلاقية من قبيل العلائق مع الهيئات الدولية والأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية والمصالح الأميركية والغربية والشركات متعددة الجنسية ونظام ولاية الفقيه الاستبدادي، الألاعيب التجارية والسوق السوداء والغش بأنواعه والفساد والإفساد ، المتاجرة بالتاريخ السياسي النضالي ،…الخ.وتوسعت أرباح هؤلاء على حساب إفقار الآخرين ونبذ غير القادرين على الصمود وزجهم في سوق العمل وبسبب انعدام الرقابة الحكومية وهشاشة المؤسساتية المدنية ، والفساد وعدم النزاهة ، وهضم حقوق الآخرين ، وتغليب الولاءات دون الوطنية والمصالح الشخصية الضيقة.وتتمتع هذه النخب بالأمتيازات ، وبالعزلة النخبوية معا! هكذا يخفق الشهرستاني وزميله كريم وحيد وطاقم المالكي في ايجاد الحلول الصحيحة لأزمات البلاد ويمارسون لعبة التبريرات لترويض مشاعر المواطنين واضاعة الوقت.
لا تختلف تصريحات الشهرستاني عن تصريحات وزراء النفط السابقين ( محمد بحر العلوم وثامر الغضبان ) .. الا انها تفوقهم استعلائية ومكابرة وغرور لتذكرنا بمكارم بطل الحواسم، الذي كان يهب مالا يملك ، ويقول لنا تحملوا ، بعد بيكم حيل، ويكيل مديحنا كرها وغدرا وتسلطا، قائلا انتم شعب العجب ، يعقبها ب عفية. مما يؤسف له أن تتطابق أحيانا بعض القوى السياسية الحاكمة اليوم مع البعث المنهار بالبنية الذهنية والنمطية السوسيولوجية المستندة على هيمنة العصبيات دون الوطنية وبالدور التعسفي للإعلام الدعائي الزائف التبريري.
المسؤولون في الدولة العراقية ووجهاء المجتمع ونخبه السياسية يسرقون الأموال ويسلبون بطرق شتى: الرشوة وسرقة الموارد مثل النفط وتهريبه وعقد الصفقات الغريبة العجيبة المريبة بمبالغ خيالية لمواد مستهلكة، فضلا عن الأعلان عن أنجاز مشاريع كبيرة لأبناء العراق لنكتشف بعدها أنها كانت وهمية ذهبت أموالها أدراج الرياح!!... وزراء عراقيون يتبادلون الاتهامات بالأختلاسات ، والامر من ذلك انهم يسبحون بحمده تعالى ، ويدعون الجميع للاقتداء بهم باعتبارهم الصفوة وثمرة الاستحقاقات الانتخابية ، ويطالبون المرجعيات الدينية بالفتوى لفرض آيديولوجياتهم الدينية والقومية ومباركتهم اي المزيد من تعميم الفساد .! ... المزيد من الارهاب .. فالفساد الإداري والفساد عموما يشكل الوجه الآخر للإرهاب من تفجير وقتل وخطف ، لأنه ينهش إقتصاد البلد ويدمر البنية التحتية ويفسد الحياة الإجتماعية ويستغل الإنسان ويخرب حياته ، و تعمل المافيات والعصابات الشللية على عرقلة وتعطيل العملية السياسية أو أي مشروع وطني يخدم الوطن والناس .
الى ذلك لا يضمر الشعب العراقي الفساد والافساد في النفوس أنما يتحدث به جهارا في الشوارع والازقة ، في المقاهي والمنتديات ، في الدهاليز الحكومية ... بين افراد العائلة.. يتحدث عن الوزير أو نائبه أو المدير العام أو الموظف وحتى التاجر والمرابي والاسطة والمهربجي ... والشيخ ومولانا الذين ماأنفكوا يسرقون ويسرقون ويشترون العقارات داخل المدن العراقية .. او خارج العراق .. في دبي وعمان أو يفتحون المكاتب التجارية (النشيطة) هنا وهناك أو يودعون المبالغ الخيالية في مختلف المصارف!! وهناك من المسؤولين الكبار من يعمل في جريمة تهريب المشتقات النفطية والآثار العراقية والمخدرات بتآزر أطراف مختلفة وتعاون أجرامي من دول الجوار العراقي.
يعيش الائتلاف العراقي الموحد تناقضاته ... وهو يتخبط ، تارة مصالحة وطنية ومؤتمرات تحشيد تعبوية وتارة لقاءات تنسيقية بين القوى السياسية الممثلة للقوائم الفائزة وتارة سلسلة احكام بالاعدام على الطاغية وزبانيته وتارة مداهمة مقرات منظمات المجتمع المدني والنقابات وتارة أخرى ... هكذا دواليك ... لم يستطع الائتلاف العراقي الموحد من فرزنة المفاهيم الاساسية في معجم المؤسساتية المدنية فكيف الحال وهو يوجه اتهاماته لمن لا ينصاع لالاعيبه المخزية .... لقد عمل الائتلاف الموحد على تحويل الدولة الى مزرعة خصوصية لأصحاب السلطة والنفوذ من زعماء الطوائف والعشائر والجماعات القومية المسيطرة ، ولو على حساب اشعال فتيل حرب أهلية مستمرة، تتغذى من إرادة منع الطرف المسيطر من الاستئثار بالثروة، أو الاستئثار بها بدله..دولة الفوضى السياسية الدائمة والمصالحة الوطنية الملثمة واللغو الفارغ والخطابات الانشائية والتقارير المدرسية ونهوض الخطابات السلفية والغيبية في مواجهة العلمانية والعقلانية...دولة الدعوة والمجاهرة الشكلية بالوحدة الوطنية والمشاركة الفعالة بقتلها فعليا ويوميا ،دولة الحديث عن حل المليشيات المسلحة والعمل الدؤوب لتقوية عودها، دولة قتل الناس والنواح عليهم والسير وراء نعوشهم واتهام الآخرين بقتلهم.وعمل الائتلاف الموحد على اشاعة ثقافة الرعاع والقطيع الطائفية - ثقافة الموت والقبور ، والعمل الحثيث على " طرد الدولة " من ميدان الاقتصاد، والتدمير التدريجي للطاقات الانتاجية المحلية ، وتضخيم مواقع الرأسمال الكبير في ميادين التجارة الخارجية والداخلية واستفحال المظاهر الطفيلية المصاحبة لها ، وتوسيع التفاوتات الاجتماعية و التهميش الاجتماعي بشكل خطير بحيث بات كل ذلك ينذر بتوترات اجتماعية قد يصعب السيطرة عليها... وهاهو اليوم يريد بيع العراق والعراقيين في سوق النخاسة .
• التوصيات
لازال أمن الخليج العربي هو التحدي الإستراتيجي للاقتصاد العالمي. وسوف يتزايد الاعتماد على نفط المنطقة في العقود المقبلة. ويتزامن تنامي الاحتياجات الآسيوية من نفط الخليج، مع الاحتلال الأميركي للعراق بمباركة الأمم المتحدة والتهديد الإسرائيلي المتواصل وزيادة انتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، ومع ظهور حوض قزوين كمنطقة للتنافس الجيوسياسي على ممرات عبور الطاقة…وبالرغم من أن الولايات المتحدة هي حارسة نفط الخليج، فإن الوجود العسكري الأمريكي يبقى السبب في الفوضى السياسية في العالم العربي والإسلامي… "سلام كبة / النفط والطاقة الكهربائية في العراق".
يبقى النفط عامل مهم في الحد من التبعية لكنه وشم بالإهدار وسوء إدارة العوائد وتبديد الموارد على السلع الاستهلاكية في التنمية الانفجارية الصدامية ومشاريع التنمية الكبرى ومشاريع الأبهة والتسلح والكوارث ، وضعت بلادنا في صدارة البلدان النامية مديونية وتضخما واشد تبعية للنظام العالمي الجديد بالوصاية المالية الدولية وأشتراطات الثالوث العولمياتي الرأسمالي (البنك الدولي WB ، صندوق النقد الدولي IMF ، منظمة التجارة العالمية WTO ) والضغوطات الدولية الأخرى ، ووجهت اقتصادياتها وتجارة العراق الدولية وطابع العلاقات بين الأسعار والأجور والرواتب لاعادة إنتاج أوضاع التخلف والتبعية من خلال الاقتصاد الحر وخلقت عماء السوق ، وبعد ان فرط النظام العراقي في مقومات السيادة الوطنية وأصر على تجويع الشعب والمتاجرة بمحنته ريثما تقتضي المصالح الأمريكية رفع العقوبات الدولية ، يستمر إنزال العقاب بالشعب العراقي عبرالاحتلال الاميركي ومحاولات بيع العراق والعراقيين في سوق النخاسة.
تتأرجح الشدة الطاقية في بلادنا صعودا ونزولا بنسب ملحوظة مع وفرة النفط في الأسواق والريع النفطي واسعار وأزمات النفط ... وهي تعبر عادة عن كميتها من الإنتاج الوطني اللازمة لانتاج ما قيمته دولار واحد في الوقت الذي يتناسب فيه الطلب على الطاقة مع صافي الدخل القومي ، الا ان التغييرات الحادة في الشدة الطاقية والكثافة الطاقية ( ميكاجول/ دولار) تؤثر بحدية على هذه المعادلة . والكثافة الطاقية في العراق اليوم مرتفعة بسبب النمو السكاني والنشاط الاقتصادي والتجاري . اما معامل استهلاك الطاقة في العراق(وهو حصيلة تناسب معدلات النمو في استهلاك الطاقة ومعدلات عموم النمو الاقتصادي في فترة زمنية قصيرة) فهو أعلى من (1) وأحيانا (2) بسبب العجز الاقتصادي والاحتلال مما ترك ويترك الآثار الضارة على التنمية الاقتصادية وعملية الاعمار في الوقت الذي تتجه فيه مؤشرات التقدم الاجتماعي والاقتصادي والثورة المعلوماتية في العالم نحو تحسين معدلات الاكتفاء الطاقي وتطوير أعمال استخراج النفط والغاز الطبيعي والتصفية الوقودية ومعالجة تحويل المصادر الوطنية للطاقة الى أشكال وقودية جديدة مفيدة وتطوير مصادر الوقود غير الناضب وتحسين ميزان المدفوعات والتبادل التجاري الخارجي للبلدان الوطنية. وارتفاع معامل الاستهلاك الطاقي في العراق جاء بحكم ازدياد الشدة الطاقية باضطراد ، بحكم تذبذب التغذية الكهرومائية ، وعطل وتدني مستويات الصيانة في كهرباء الشبكة العامة ، وتوسع انتشار التوليد الحراري الصغير والأهلي والتجاري بالكازاويل والديزل والبنزين ، والارتفاع في عدد المركبات ، وتذبذب مستوى وحجم الغابات الاصطناعية والطبيعية وحقول الطاقة وصناعة الأخشاب ، والجفاف وتدني مستوى المسطحات المائية ، الأزمات الوقودية جراء أعمال التخريب والتهريب ، تزويد سلطات الاحتلال بالنفط العراقي بسعر تفضيلي ضمن الاتفاقيات السرية التي فرضت على الحكومة العراقية لضمان الامدادات النفطية العراقية للولايات المتحدة الأمريكية لعقود قادمة ، تصدير النفط العراقي في غياب استخدام العدادات ، الشركات النفطية العراقية الوهمية خارج العراق التي تذلل حصول الشركات الأحتكارية على العقود النفطية العراقية لقاء العمولات.. ، الفساد الاداري وغياب الرقابة الشعبية على الاعمال الحكومية و النشاط غير الحكومي !
تمر بلادنا في ازمة بنيوية سماتها اشتداد اعتماد الاقتصاد العراقي على النفط رغم أنه مورد ناضب وسلعة يتحقق بيعها في الأسواق العالمية وتخضع لتقلباتها ولتأثير القوى المهيمنة عليها، انحسار مساهمة القطاعات الانتاجية الأخرى من خلال تراجع الإنتاج الزراعي و ركود القطاع الصناعي التحويلي المقرون بتحول جلّ طاقات المشاريع الصناعية الكبرى في النظام السابق لأغراض التصنيع العسكري ولخدمة آلة الحرب على حساب إشباع الحاجات المدنية السلمية للمواطنين ، نمو قطاع واسع من أنشطة اقتصاد الظل غير المحكوم بضوابط وتشريعات استوعب قسماً من العاطلين عن العمل والمهمشين اقتصادياً ، وتوجه الاقتصاد العراقي نحو التحول الى اقتصاد خدماتي بكل ما يحمله ذلك من مساوئ على وجهة التطور اللاحقة . وفي ظل عدم تبلور استراتيجية تنموية واضحة، تنامى دور الراسمالية الجديدة - الفئات المرتبطة بالتهريب وبالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي مع الاستشراء المريع للفساد. "صالح ياسر / ندوة منظمات المجتمع المدني.. "
تقضي الاستراتيجيات الاقتصادية والتصنيعية على التركيب وحيد الجانب للاقتصاد وتخلق البنى الارتكازية المتكاملة القادرة على تحقيق النمو الذاتي المتجانس والديناميكية اللازمة لفك التبعية الاقتصادية والتكنولوجية للغرب بانواعها المتجددة ، ولأتاحة امكانية التصرف بالفائض الاقتصادي ( الايرادات النفطية ) المتولد في القطاع النفطي .. وبالتالي تأهيل قدرات القطاع العام على اتخاذ القرارات الاقتصادية الفعالة والمؤثرة .وعليه لا تفهم استراتيجية صناعة النفط الوطنية بمجرد كونها منهاج استثماري يخضع لأولويات ومطالب الشركات الاحتكارية متعددة الجنسية والحكومات الغربية والاقليمية ، حالها حال مجمل الاستراتيجيات الاقتصادية والتصنيعية الوطنية ، بل هي قبل كل شئ مهام محددة للمدى البعيد يتم وضع البرامج متوسطة المدى في ضوئها ... انها تعني تبني الحلول الجذرية لمعضلات القطاع العام وليس الحلول المسكنة المهدئة الآنية للمشاكل والمعوقات القائمة ، والسيطرة على الاستثمار والتكاليف الادارية ومساعدة قطاع الدولة على تنفيذ مشاريعه في سبيل تحقيق الفائض الاقتصادي وتحويل التراكم لصالحه !.وتتجسد أزمة الطاقة والخدمات الاساسية كالكهرباء في معاناة المواطنين من سوء توزيع المحروقات وبالاخص البنزين ، والانقطاعات المستمرة في التيار الكهربائي ..هذا يرتبط بأزمة الطاقة والكهرباء كمفهوم علمي واجتما - اقتصادي . وهذه الأزمة في عراق اليوم جزء من أزمة عامة اجتما - اقتصادية بنيوية تعصف بعموم البلاد بفعل نهج الصدامية الارعن والسياسات الاقتصادية الخاطئة التي ارتكبتها الحكومات العراقية في فترة ما بعد التاسع من نيسان ، وشيوع الفساد والارهاب ، ومحاولات تصفية القطاع الحكومي بمختلف الذرائع ، وبرامج الانفتاح الاقتصادي والخصخصة (Privatization) ونبذ التخطيط المركزي ، وفتح الابواب مشرعة على مصراعيها للتجارة الحرة والمضاربات وجشع المرابين …واستيلاء الولاءات دون الوطنية على مؤسسات الدولة . ومثلما علقت دكتاتورية البعث المعضلات على شماعة الحصار الدولي والعقوبات الاقتصادية وافتقار السوق لقطع الغيار اللازمة، تعلق الحكومة العراقية اليوم المشاكل على اعمال التخريب والارهاب وتدني الوعي الاقتصادي لدى ابناء الشعب .وبوصلة الاحتكارات الدولية والأميركية كانت ولا زالت نسبة القيمة الزائدة بتجلياتها والسيطرة المالية والسياسية والاقتصادية والفكرية والعسكرية على العالم. وتجدد السياسة الأميركية دوما التحديد أحادي الجانب والجامد لماهيات الفقر والجوع والمرض والأرهاب وتسخير المهارة والمعرفة في خدمة الاستغلال … وتستهدف تحويل الدول الوطنية الى وكالات حارسة سياسية مسلحة للمصالح الأميركية وتأكيد نظام ازدواجية الهيمنة الكولونيالي في الطور الجديد من الرأسمالية المعاصرة.
 أي حديث عن الطاقة والنفط واستهلاك الكهرباء والإنتاجية بالعراق في ظل التهرؤ المتواصل للبنى التحتية ، يبدو ضربا من الهلوسة . من هنا تبرز مكانة ودور ونشاط المؤسسات المدنية كي لا يترك مصير الحكومات العراقية عرضة للنهب والاتجار وتحميلها المسؤوليات فوق طاقتها ، لا سيما أنها سلطات لا زالت ناشئة تواجه آثار ومخلفات الإدارات الحكومية المركزية للنظام البائد وجبروت وسلطة الإدارة الاميركية والشركات الأحتكارية..ويعتبر إرساء أسس المؤسساتية المدنية في العراق مهمة ملحة لأنها ظهير الدولة في سياستها الاقتصادية ،وباعتبارها مؤسسات مستقلة عن سلطة الدولة والسوق معا .... قبل سقوط النظام السابق كان التشريع العراقي الذي ينظم المسائل الخاصة بالمنظمات هو قانون الجمعيات رقم 13 لسنة 2004، ولكن الانتفاخ في عدد المنظمات غير الحكومية دفع بول بريمر المدير الإداري لسلطة الائتلاف المؤقتة إلى إصدار الأمر رقم (45) لسنة 2004 الخاص بتسجيل المنظمات غير الحكومية وتعديله بالأمر رقم (61) ... وبموجب القرار رقم 100 تم نقل صلاحيته الى وزارة التخطيط لتنظيم عمل هذه المنظمات ومن ثم الى ديوان مجلس الوزراء وأخيراً وزارة المجتمع المدني .كل ذلك بهدف تنسيق أنشطةهذه المنظمات ومنع استغلالها لتحقيق أغراض غير قانونية أو أغراض تهدف الى الاحتيال، وما زال الأمر البريمري نافذاً. لقد عرّف أمر بريمر مصطلح "منظمة غير حكومية" أي منظمة أو مؤسسة جرى تأسيسها للقيام بنشاط واحد أو أكثر من الأنشطة الآتية التي تعد أنشطة رئيسة لها:1. تقديم المساعدات الإنسانية ومشاريع الإغاثة.2. مناصرة قضايا حقوق الإنسان والتوعية بها.3. عمليات تأهيل المناطق السكنية وإعادة توطين المجموعات البشرية فيها.4. الأعمال الخيرية.5. الأنشطة التعليمية والصحية والثقافية.6. عمليات المحافظة والصيانة.7. عمليات حماية البيئة.8. الأعمار الاقتصادي والتنمية.9. الترويج للممارسات الديمقراطية. 10. تطوير المجتمع المدني.11. الترويج للمساواة بين الجنسين.12. القيام بأي نشاط آخر غير ربحي يخدم المصلحة العامة.في البداية، كان يشرف على المنظمات غير الحكومية مركز المساعدات الإنسانية التابع لسلطة الائتلاف المؤقتة، وبعد تأسيس مجلس الحكم -الحكومة الانتقالية الأولى- سجلت هذه المنظمات في مكتب مساعدة المنظمات غير الحكومية التابع لوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي، وفي زمن الحكومة الانتقالية الثانية برئاسة د. أياد علاوي تم فك ارتباط هذا المكتب من وزارة التخطيط وربطه بأمانة مجلس الوزراء تحت إشراف وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني .وبشكل يتيح التساؤل ويضع العديد من علامات الإستفهام جاء قرار ديوان مجلس الوزراء الرقم (8750) في 8/8/2005 الذي منح فيه سلطات واسعة لوزارة المجتمع المدني ولجنة حكومية من عدد من الوزارات بالتدخل في شؤون المنظمات غير الحكومية وصل الأمر بتجميد أموالها وإلغاء عمل بعضها بحجج واهية . تسعى المنظمات المهنية وغير الحكومية العراقية رغم ظروف العراق المعروفة لدينا جميعاً إلى أن تكون منظماتها نقاط تجمع ونشاط للفاعلين في مجال العمل المهني والمدني متمسكة بإستقلالية عملها ونشاطها بعيداً عن أي تدخل حكومي أو حزبي خلال تمتعها بالشخصية المعنوية القانونية التي ينظمها قانون خاص بها." نداء عاجل – من المنظمات المهنية وغير الحكومية حول القرار (8750) القاضي بتدخل الحكومة في نشاطها". إن الشرعية الدولية لحقوق الإنسان وكل المواثيق والأعراف الدولية قد أقرت حق التجمع السلمي المدني في منظمات مهنية وغير حكومية وغير حزبية طوعية وغير ربحية حيث تشكل مراكز ثقل وضغط في موازاة الحكومة ومعها ومع القطاع الخاص تشكل ما إصطلح على تسميته دولياً بـ ( الحكم الراشد ) . إن نشاطات هذه المنظمات هو حق أساسي لا ينبغي تقييده بالقوانين والأنظمة ذات الطابع الشمولي أو بقرارات حكومية لاتتيح لها الحصول على قدر كاف من الإستقلالية في العمل وهو الأمر الذي يميزها عن المنظمات التي ترتبط بالحكومة ... وأن تكون العلاقة معها علاقة رقابية ووجود قانون مستقل خاص ينظم وجودها وعلاقاتها مع الحكومة وغيرها من خلال شخصية معنوية قانونية ومنفصلة ومميزة ذات طبيعة تسمح بممارسة سلطاتها على نحو مستقل بدون تدخل حكومي أو حزبي وإذا ما حدثت خلافات أو تقاطعات فإن حلها ينبغي أن يكون عن طريق القضاء وحده .وبدلا من ان يجر الفهم السليم لماهية المنظمات غير الحكومية (NGOs) وفي ظل إنفلات أمني عام يسود العراق وتحت ظل حراب الإحتلال الأمريكي وسيادة سلاح المليشيات الطائفية انتهكت حقوق البشر دون واعز أخلاقي في أكثر من مكان ، وتحت حجج واهية ، لتداهم المؤسساتية المدنية والنقابات اكثر من مرة ، لم يكن آخرها وبالتسلسل:
1. اقتحام مقر نقابة الصحفيين العراقيين يوم 19/ 2 / 2007 من قبل القوات الامريكية وأمام انظار القوات الامنية العراقية بذرائع لاتمت الى الواقع بصلة.
2. تمادي القوات الأمريكية وتصحبها قوات الحرس الوطني بإقدامها صباح 23 / 2 / 2007 على اقتحام مبنى مقر الاتحاد العام لعمال العراق في شارع الرشيد ببغداد دون اي مبرر او مسوغ قانوني او أي شعور بالمسؤولية المهنية والإعتبارات الأخلاقية .
3. واعادت هذه القوات إستعراض عضلاتها وهمجيتها يوم 25 / 2 / 2007 شاهرة عدائها لصناع الحياة كاشفة عن وجهها القبيح ضد تطلعات العمال ومؤسساته .
4. مداهمة القوات الاميركية لمقر الاتحاد العام للتعاون !
ان التحول نحو المجتمع المدني يشكل ضرورة موضوعية تستدعيها التغييرات والتحولات العالمية والإقليمية.. ويمكن إيجاز مجموعة التحديات التي تواجه التنمية في بلادنا ، وبالتالي المؤسساتية المدنية ، في ظل التغيرات والتحولات الدولية المعاصرة بالآتي :- تصاعد معدلات البطالة ، اتساع حجم الفجوة المعرفية ، محدودية الموارد وهدر الكثير منها ، تحديات الاندماج بالاقتصاد العالمي ، ضعف التجارة البينية وتدني الاستثمار البيني.
 اتخاذ الاجراءات في عدد من القضايا السياسية خاصة العمل على ايقاف التدهور الامني و قضية حل الميليشيات والتي هي جزء من اجراءات المصالحة الوطنية اضافة الى قضايا اقتصادية واجتماعية لها مساس باستقرار الوضع السياسي .ان التركيز على جانب معين دون الجوانب الاخرى لايخدم العملية السياسية ولايحقق التقدم الذي ينشده العراق، حيث ينبغي ان يكون السعي في تنفيذ الاجراءات بشكل مترابط.
 لقد شهد المركز المالي الدولي للعراق انهياراً كاملاً في العقدين الماضيين، وتحول العراق من دولة ذات فائض احتياط من النقد الأجنبي والذهب يُقدر بحدود 40 مليار دولار عام 1980، إلى دولة مدينة بمقدار 130 مليار دولار وطلبات تعويضات عن أضرار ناجمة عن حرب الخليج الثانية مقدارها 320 مليار دولار، منها 50 مليار دولار تمت الموافقة عليها من قبل لجنة التعويضات. وتفرض مؤسسات التمويل الدولية شروطها في الحد من نفوذ القطاع العام وتأمين الخصخصة بينما تسرع الوصاية المالية من تدويل الوظيفة الاقتصادية الخدماتية للدولة العراقية وترحلها الى مؤسسات خارجية .من الضروري تواصل الجهد لمحاولة الحصول على اكبر قدر من الأموال من الدول المانحة لأعادة اعمار البنية التحتية للاقتصاد العراقي ،وحل مشكلة القروض والقروض الجديدة بالتي هي احسن !، ومراعاة الجدوى الاقتصادية للمشاريع الكبيرة قبل الشروع بإعادة اعمارها لتقرير الأسلوب المناسب للاستفادة منها ... كل ذلك يستلزم :
1. دعم الجهود الرامية إلى الغاء أعلى نسبة ممكنة من الديون الخارجية والتعويضات المالية المترتبة على العراق نتيجة الحروب التي خاضها النظام البائد واعادة جدولة ما تبقى منها.
2. مطالبة الدول والمؤسسات الدائنة بالتخلي عن مطالبتها بالمبالغ المقدمة لتمويل الحرب ضد ايران، وطرح مطلب اعادة استثمار اموال التعويضات في مشروعات داخل العراق.
3. مقاومة ضغوط المؤسسات الدولية لربط ملف الديون بتنفيذ برنامج وشروط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية ونادي باريس لاعادة الهيكلة والاصلاحات الاقتصادية الليبرالية كرفع الدعم عن سلع أساسية وعن المشتقات النفطية والغاء البطاقة التموينية وتحرير التجارة . وتجنب الصيغ الجاهزة التي تعتمد الحلول المقطوعة الجذور عن واقع اقتصادنا والمهمات الملموسة التي تواجهه، ومن بينها وصفات خبراء الثالوث العولمياتي .
 رفض آلية السوق كوصفة سحرية لحل كل المشكلات الاقتصادية التي يواجهها بلدنا التي تريد الاصلاح الاقتصادي. ان آلية السوق لوحدها لا تؤدي إلى التخصيص الأمثل للموارد، بل يقود منطق تعظيم الأرباح إلى نمو اقتصادي غير متكافيء، اجتماعياُ وإقليمياً وقطاعياً. السوق لا يرسي ذاته بنفسه ويستدعي تدخل الدولة لوضع القواعد والمؤسسات المنظِمة له،وتفعيل التعددية الاقتصادية عبر تحسين اداء الاقتصاد الوطني بقطاعاته المختلفة، انطلاقا من حقيقة أن لكل قطاع دوره المرسوم، فالتنمية المطلوبة في هذه المرحلة تعني من بين ما تعنيه الاستفادة الصحيحة من كافة القطاعات. المطلوب في عراقنا الاشم ليس تصفية القطاع العام انما تصفية العقبات التي تحرفه عن اداء وظيفته التاريخية لمعالجة الاختلالات الاقتصادية الهيكلية والاجتماعية المركبة.لا يوجد قانون يتحكم بأسعار خدمات القطاع الخاص بسبب فقدان الضوابط والمؤشرات وافتقار هذا القطاع الى تنظيم النشاط الاقتصادي في إطار تشريعي محدد ووفق ضوابط سعرية ، يعتبر امتلاك السياسة التسعيرية الوطنية والضوابط اللازمة التي تتفق مع مبدأ التوفير الاقتصادي الصارم وضبط أسعار السوق والقطاع الأهلي الخاص مهمة حيوية .
 الغاء قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 الذي أقره مجلس الرئاسة في 30 نوفمبر 2006 او تعديله ليجر تأكيد ارتباط دخول الاستثمارات الاجنبية ببلورة طائفة من الضوابط التي تحمي بعض قطاعات الاقتصاد الوطني، وخصوصا الاستراتيجية منها، من الخضوع لسيطرة الرأسمال الأجنبي من جهة، والعمل على ضمان توجيه هذه الاستثمارات نحو القطاعات الإنتاجية وفق الحاجات التنموية ولاستمرار التحكم بالثروات الوطنية. وضرورة ابقاء البنى التحتية والخدمات (الطاقة الكهربائية، الماء، المجاري، الطرق، النقل، الخزن وغيرها) تحت سيطرة الدولة، وابعادها عن الاستثمار الاجنبي. وضرورة وضع القيود على تدفقات الرأسمال لأغراض المضاربة والتأكيد على الاستثمار المباشر الذي يخلق طاقات إنتاجية وفرص عمل وينقل خبرات تكنولوجية ومعارف ومهارات إدارية. لا بد من اخذ خصوصية الاقتصاد العراقي بنظر الاعتبار، حيث هو دولة ريعية، وان مشكلته لا تكمن في حاجته للاموال، ولا في كيفية اغراء المستثمرين الاجانب على جلب رؤوس اموالهم وانما تكمن في الوضع الامني المتدهور الذي منع البلاد من استعادة اموالها وقدرتها السابقة، وجعلها بحاجة الى الدعم الخارجي.
 ضرورة قيام الدولة بوضع السياسات التعدينية الاستراتيجية للبلاد والمراقبة والاشراف على حسن تنفيذها من قبل القطاعين العام والخاص.
 اعتبار القطاع النفطي قطاعا استراتيجيا وينبغي ان يظل تحت سيطرة الدولة، لا سيما المخزون النفطي.واعتماد سياسة نفطية عقلانية بما يقلل تدريجيا من اعتماد الاقتصاد العراقي على عوائد تصدير النفط الخام، والحفاظ على الثروة الوطنية من الهدر، وضمان حقوق الاجيال القادمة منها.وتحويل القطاع النفطي (الخام) من قطاع مهيمن ومصدر للعوائد المالية فقط (أي مصدر للتكاثر المالي وليس للتراكم) إلى قطاع منتج للثروات ويكون قطبا لقيام صناعات أمامية وخلفية تؤمن التشابك القطاعي المطلوب لتحقيق الإقلاع التنموي حقيقي.وتجاوز الاستخدام السيئ للريع النفطي، من خلال إعادة هيكلة القطاع النفطي ليكون أحد وسائل التنمية الاقتصادية وليس عبئا عليها. ويتطلب هذا توظيف العوائد النفطية لأغراض الاستثمار والتنمية بالدرجة الأساسية وتأمين الرقابة والأشراف عليه من قبل المؤسسات التمثيلية للشعب.
 إعادة هيكلة صناعة النفط الوطنية بما يعزز ترسيخها في ظل حكومة وطنية ذات سيادة واحياء شركة النفط الوطنية العراقية I.N.O.C. في قانون منفصل يسبق تشريعات النفط والغاز الجديدة . والعمل على تحديث البنية التحتية للمنشآت النفطية العراقية وخاصة محطات كبس الغاز، محطات عزل الغاز، محطات الضخ، أنابيب إيصال النفط من أجل رفع إنتاجها واستمرار تدفق النفط العراقي للأسواق الخارجية، وإعادة إعمار ما دُمرِّ أثناء الحرب ومحاصرة أزمات الوقود الخانقة… واعتماد استراتيجية للتعجيل في نقل استهلاك الطاقة محليا من النفط الى الغاز لتوسيع فائدته الاقتصادية والبيئية في ميادين لها الميزة النسبية الواضحة مثل الأسمنت والكهرباء والزجاج…الخ، واتخاذ موقف حازم ازاء الممارسات المضرة بالآفاق الاستخراجية من المكامن المنتجة التي تعرضت الى سوء الاستغلال ،ومحاورة الشركات العالمية حول المساعدة في أتمتة وحوسبة وروبتة وتأليل الصناعة النفطية وادخال التقنيات الحديثة فيها.
 الاستفادة من الاستثمارات الاجنبية في القطاع النفطي مع ضرورة تحديد المجالات التي تدخل فيها على صعيد الاستخراج شرط عدم المساس بالمصالح يستلزم اعادة النظر بمسودتي مشروع قانون النفط والغاز الجديد ومشروع قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام المقدمتان الى مجلس النواب على اساس :ارساء الصناعة المؤممة بعقودها المتنوعة والرفض المطلق لعقود الامتياز والمشاركة .ومن الضروري عدم تجزئة مشاريع قوانين النفط ،والنظر لها دفعة واحدة.... على الحكومة تقديم مشاريع قوانين موحدة تخص النفط الى مجلس النواب ،ولا تقوم بتجزئتها... لأن هذا ليس في مصلحة البلاد... وعليه نتوقع عاصفة برلمانية بانتظار مشاريع قوانين النفط والغاز التي تعتبر بحق مكافئة للشركات المتعددة الجنسية وصفعة للشعب العراقي !! انها عنوان التنكر لأنجازات ثورة 14 تموز 1958 المجيدة والجهل المطبق بالقضية النفطية العراقية والتاريخ الوطني التحرري للشعب العراقي. من الضروري تأطير مشاركة القطاع الخاص والأجنبي في صناعة النفط التحويلية والتوزيعية (عدا الاستخراج) كاشتراط الحد الأدنى للجانب العراقي بما لا يقل عن 51 % وخاصة في النقل والتوزيع…
 تفعيل قانون صيانة الثروة النفطية وتطويره للحد من الممارسات غير السليمة فنيا وبيئيا بالتطبيق عبر الإدارة المستقلة ، وشموليته جميع الوحدات العاملة في الصناعة النفطية والغازية . وتشريع قانون مناسب لضريبة الدخل على الانتاج النفطي والغازي يخضع له الإنتاج الهايدروكاربوني السائل والغازي ،الحكومي والأهلي والأجنبي،يؤمن حصص الجميع من منتجين ومجتمع ..
 ليس من الإنصاف استغلال إنشداد الشعب العراقي بالقضية الأمنية، التي تقلقه لتمرير سياسات وتشريعات تمس المستقبل الاقتصادي للبلد والمعيشي للمواطنين دون أن يكون لهم مشاركة ورأي في ذلك.فإذا كانت القضية الأمنية اليوم هي من أهم ما يشغل الشعب، فله أمانٍ وتطلعات أخرى، ستتقدم في سلم الأولويات بعد ان يشهد الوضع الأمني تحسنا ملموسا.أجواء الاضطرابات والأزمات الأجتماأقتصادية بيئة خصبة لاختلال الموازين وشيوع التجاوزات .. وتعمد البعث البائد اختلاقها بالقادسيات الكارثية وإشاعة الولاءات دون الوطنية وبالإرهاب والقمع السافر وبالنهج الأستهلاكي .. لينتج ويعيد إنتاج التخلف ويتعمد التجذير المستمر للعبث واللامعقولية وغموض الصدفة واللاوعي والغيبية وتمزيق النسيج المنطقي للأحداث ! وإشاعة السحر والشعوذة . وظللت هذه المظاهر الحقبة الجديدة لتتطابق أحيانا بعض النخب السياسية الطائفية مع البعث المنهار بالبنية الذهنية والنمطية السوسيولوجية المستندة على هيمنة العصبيات دون الوطنية وبالدور التعسفي للإعلام الدعائي الزائف التبريري لتمرير التشريعات بالضد من مصلحة الشعب العراقي.
 على الحكومة العراقية ومجلس النواب عدم التحول الى حملة لاختام الولايات المتحدة والشركات الاحتكارية والمنتديات العولمياتية الرأسمالية ... وبالتالي لا اعتراض على قرارات الخصخصة وعقود المشاركة سيئة الصيت، خصوصا أن للكثير من أفراد النخب الحاكمة الجديدة مصالح كبيرة فيها .. ووجب المتابعة الدقيقة للعقود التي أبرمتها الحكومة العراقية والإدارة المدنية الأميركية مع المنظمات والشركات العالمية ، وعقود من الباطن التي أبرمها سلاح المهندسين الأميركي مع مختلف الشركات وفق برنامج النفط مقابل الغذاء . والمطالبة بتسديد كلفة العقود غير المتحققة ، وحض الشركات الأجنبية على اكمال تنفيذ مشاريعها في العراق وعدم التعكز على أعذار وحجج واهية.
 العمل على عدم تحويل البنزين الى مادة للاتجار وتهريبه في العاصمة العراقية وبقية مناطق العراق والى خارج الحدود عبر الأسواق السوداء (Black Markets )، وهذا هو حال المواد الوقودية الأخرى لأن ذلك يعزز من فوضى السوق ويشجع الفساد.
 تعزيز قطاع شرطة النفط وتفعيل دوره في حماية مرتكزات الصناعة النفطية وتجهيزه بالمعدات التقنية الضرورية كالطائرات والحواسيب.
 الاجدر بالحكومة العراقية ان تتأنى قليلا وتنتظر تنفيذ المادة ( 142 ) من الدستور الدائم اولا قبل الشروع بالموافقة على قوانين النفط والغاز المصيرية لأجيال الشعب العراقي القادمة. من الجدير بالذكر ان الدستور الدائم كان خطوة تراجعية خطيرة عن "قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية" الذي ضمن مركزية الثروة الوطنية!.
 تعديل قانون الشركات العامة رقم 21 لسنة 1997 والذي تأسست عليه مواد مسودات قوانين النفط والغاز الجديدة ... وهو قانون سنته الدكتاتورية البائدة اصلا ، وتضمن 45 مادة ... لا بقصد تجسيد لامركزية المنشآت العامة ومنحها القدر الأكبر من الأستقلالية المالية والإدارية أو تنظيم عمل الوحدات الأقتصادية الممولة ذاتيا والتي تمارس النشاط الأقتصادي في الدولة وحتى تحقيق الربحية عبر التحول الى شركات مساهمة وتوزيع الأرباح على العاملين حوافز لزيادة الإنتاج وتحويل الشركات الوليدة الى قوة إنتاجية _ خدماتية تحافظ على المصلحة العامة أو تعزيز فلسفة القيادة الجماعية وإنقاذ الأقتصاد الوطني من الأنهيار - حسب زعم السلطات الصدامية في حينه - …بل لتحويل نظم الملكية الجديدة الى آلية للتهريب القانوني المنظم نحو الخارج وخطوة متقدمة بأتجاه الخصخصة (Privatization) بينما استلزم هذه النظم الجديدة أصلا ميكانيزم التكامل المرن والدرجة الرفيعة من الدقة والتنظيم ..دليلها القطاع العام نفسه وتجاربه في التخطيط والتنمية والأعمار والأدارة ..لتحجيم ميلها الطبيعي نحو الكسب الشخصي والفردي والمصلحة الخاصة الضيقة !.
 ترسيخ الأعلام كونه سلطة رابعة تراقب سلوكيات الوحدات الإنتاجية والإدارية والنسغ الأجتماعي والثقافي والاقتصادي للمجتمع،وتتيح الفرص أمام قوى المجتمع ومدارسه الفكرية والسياسية للتفاعل بحرية لأدارة البنية التحتية للإعلام لاسيما عملية صنع القرار على كل المستويات!وعلى اعلام ما بعد التاسع من نيسان مواجهة جنون الدكتاتوريات والإرهاب والطائفية السياسية والاصوليات المتطرفة ومدرسة واشنطن التأديبية معا ليتمكن الشعب العراقي من النهوض ويتجرأ على رفع رأسه في حضرة السادة ، وتتمكن الطبقات الدنيا من أن تفهم مكانها في الاستقرار والمجتمع ! والنظام العالمي الجديد. على هذا الأعلام أن يتسم بالموضوعية ويعكس حياة الشعب بأمانة - من الشعب والى الشعب - .
 يتطلب اختيار الكادر الإداري في صناعة النفط الوطنية على أسس المواطنة والولاء للعراق وعلى معايير الكفاءة . الولاء للوطن يعني احتقار الدكتاتورية البائدة التي قدمت الوطن على طبق ثمين من الذهب الاسود للاحتكارات الدولية . وإلغاء حزبية السلطات تعني إلغاء احتكار حزب بعينه للمؤسسات الحساسة فيها كمؤسسات الداخلية والإعلام والتربية والتعليم والمالية والدفاع ، وإلغاء احتكار حزب بعينه لكل الحقائب الإدارية في الوزارة المعنية . ولا يعني تولي وزير من الحزب الفلاني للوزارة المعنية ان تكون كل الحقائب الإدارية الحساسة من نفس الحزب .
 محاسبة عرابي إدارات النفط المتورطين بالاختلاسات والرشاوي وتقاضي العمولات من الاجنبي والارهاب والاسهام في فرق الموت الفاشية.. يفترض أن يخضع تعيين البعثيين القدامى الذين كانوا جزء من النظام المخلوع والوجوه الطائفية المقيتة وتوليهم المناصب الحكومية والحقائب الوزارية ! للرقابة والتدقيق الشديدين.... لأنه يثير المجتمع ويدفعه باتجاه التطرف في أحكامه على الوضع القائم.
 نبذ منهج الذرائعية والتبريرية والنفعية الاقتصادية الذي يتيح للسلطات القائمة وفق مبدأ الفوضى النفطية البناءة تبرير الازمات النفطية الخانقة ولتقوم بذات الوقت في تشجيع الولاءات دون الوطنية والطائفية والعشائرية . وهي نفس القوى التي تتجاوز على النفط وتسرقه وتهربه وتستخدمه للأبتزاز السياسي وتنتهج الاستغلال السياسي للدين وتدعم اشباح الدوائر وتسلك الطرق القديمة الحديثة في العكرف لوي... هذا المنهج غير بعيد عن غليان التجييش الطائفي في العراق الذي يهدد بحرب اهلية.

• الهوامش

1. غني عن القول ان مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في البلدان المتطورة تعد السلطة الخامسة بعد السلطات الثلاثة ”التشريعية، التنفيذية، القضائية" وسلطة الصحافة الموسومة بالسلطة الرابعة." جميل عودة/دور مؤسسات المجتمـع المدني في التطور المجتمـعي في العراق." وعلى المؤسساتية المدنية كتابة وثيقة شرف لتفعيل دورها لدعم حكومات الوحدة الوطنية لا حكومات المحاصصة الطائفية في اعادة بناء البلاد." النزاهة تطالب منظمات المجتمع المدني بكتابة وثيقة شرف لدعم الحكومة". أهم سمات النظام الشمولي والثقافة القطيعية هو إفراغ منظمات المجتمع المدني من محتواها الأساسي المتمثل بالدفاع عن أعضائها، لتتحول إلى مؤسسات تدافع عن السلطات العليا حتى لو كان ذلك على حساب أعضائها، وذلك وفق "مفهوم النقابية" الذي ينافي مفهوم عمل النقابات الحرة التي تعمل من حيث الأساس على الدفاع عن مصالح أعضائها وليس السلطات أو الائتلافات او الاحزاب الحاكمة، ولا يتم ذلك إلا من خلال انصهار تام لكل مؤسسات المجتمع المدني بداخل القيادات السياسية الحاكمة التي تتحول هي الاخرى في مراحل متأخرة إلى مؤسسات وتخرج عن كونها تشكيلات سياسية او حزبية." حمزة الجواهري/ تفعيل دور القاعدة السياسية والاجتماعية للدولة المدنية". تنبع فلسفة عمل مؤسسات المجتمع المدني من فكرة المبادرات الذاتية للأفراد من منطلق تفاعلهم وأيمانهم بقدرتهم على الفعل والتأثير في الفضاء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي يعيشون فيه . وقد أخذت الدول تعترف بالقيمة الاقتصادية والاجتماعية لهذا القطاع الذي يسعى على ترسيخ الدور الذي تقوم به مع الاستقلالية والتميز عن القطاع الحكومي والقطاع الخاص ، ويطلق اليوم على نشاطات مؤسسات المجتمع المدني بالقطاع الثالث . " د. نوزاد عبد الرحمن الهيتي/مستقبل التنمية في الوطن العربي في ظل التغييرات العالمية المعاصرة."
2. كانت صحيفة الاندبندنت أون صانداي البريطانية قد اكدت ان احتياطيات النفط الكبيرة في العراق ستطرح للاستغلال على نطاق واسع من جانب شركات النفط الغربية بموجب مشاريع قوانين مثيرة للجدل يتوقع ان تطرح على البرلمان العراقي خلال ايام.وقالت الصحيفة في موقعها الالكتروني على شبكة الانترنت ان الحكومة الاميركية ضالعة في سن هذه القوانين الذي اطلعت الاندبندنت اون صانداي على مسودتها، ويقضي بإعطاء شركات النفط الكبيرة مثل بي بي و شل و إكسون عقودا تستمر 30 عاما لاستخراج الخام والسماح لأول عمليات استغلال واسعة النطاق للمصالح النفطية الاجنبية في البلاد منذ تأميم هذه الصناعة في عام 1972.
3. هنا وجب التركيز على انه منذ سقوط نظام البعث ولحد يومنا هذا كانت للاحزاب الاسلامية اليد الطولى على الدولة وعلى الشارع، فهي تسيطر على اهم الوزارات وعلى الامور المالية والادراية والعسكرية، هي التي تقترح القوانين وتشرعها وتجيزها، فبدون الاغلبية البرلمانية الاسلامية لا يمكن لقانون ان يمر ويأخذ طريقه الى التنفيذ. ومع ذلك وكما يؤكد ضياء الشكرجي " أسأل الله، أن يعيننا، ليكون العقل من يصوغ أفكارنا، والضمير من يرسم مسارنا. أن يكون العقل من يعلمنا الكتاب، والعقلانية من تعلمنا الحكمة، والإنسانية من تزكينا." ." ضياء الشكرجي/ الانترنيت." يعيش الشارع في بلادنا مداً رجعياً للقوى الدينية غير المتنورة دينياً واجتماعياً ، وهي تريد فرض إرادتها ونفوذها وخيمتها الفكرية على جميع افراد المجتمع ، وإلى رفض الآخر وفكره واتجاهاته. كما أن حكومات المحاصصة الطائفية لا تتصدى لمثل هذه التيارات الفكرية والاتجاهات السياسية غير السليمة والعدوانية التي تشيع الخرافة والتخلف والعبثية ... لا عجب نفس الطاس والسفرطاس. من المتعذر على المخلصين من ابناء الشعب الاستمرار طويلا في تحمل المسؤولية في الحكومة الحالية والسلطة التنفيذية والعمل بسبب الهيمنة الطائفية والممارسات ذات المصالح والمنطلقات الضيقة... فمراكز السلطة تتجسد اليوم في ممارسات وأداء المسؤولين الرئيسيين في السلطة التنفيذية الخاضعين الى تنظيمات سياسية وميليشيات مسلحة التي تمارس الوانا مختلفة من النفوذ والعنف والهيمنة تحت غطاء رسمي أو طائفي او حزبي....وتظافرت عوامل عديدة داخلية وخارجية اوصلت البلاد إلى هذا الدرك السحيق بحيث أصبحت الحياة شديدة الوطأة ومصير المواطنين يتأرجح في مجاهيل الفوضى والعنف والحرمان من أبسط الضمانات الكفيلة باستمرار الحياة الطبيعية. " القائمة العراقية تهدد بالانسحاب من حكومة الوحدة الوطنية/الانترنيت."
4. يمكن مراجعة دراسات الكاتب في المواقع الالكترونية التالية :
1. http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2. http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3. http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm



#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيوعيون العراقيون ... التاريخ المشرف والتحديات القديمة – ا ...
- الشيوعيون العراقيون ... التاريخ المشرف والتحديات القديمة – ا ...
- انقلاب 8 شباط الاسود واللجوء الى التقاليد الدينية والطائفية
- لعبة السيطرة على نفط العراق من الابواب المغلقة الى الباحات ا ...
- الشيوعيون العراقيون مصدر قلق جدي للطائفية السياسية
- الطائفية السياسية في العراق9،10-10
- الطائفية السياسية في العراق8،7-8
- الطائفية السياسية في العراق 6-8
- الطائفية السياسية في العراق 5-8
- الطائفية السياسية في العراق 4-4
- الطائفية السياسية في العراق 3-4
- الطائفية السياسية في العراق 2-4
- الطائفية السياسية في العراق 1-4
- ازمة صناعة الطاقة الكهربائية في عراق ما بعد التاسع من نيسان
- السيرة الذاتية للدكتور ابراهيم كبة
- منظمات المجتمع المدني في العراق ..... من سئ الى أسوء
- عامان على رحيل ابراهيم كبة
- حذار .. شركات النفط الغربية على الابواب مجددا
- مساهمة جادة في دراسة وثائق المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العر ...
- ديمقراطية عبد العزيز الحكيم والشعب العراقي – بدالة تلفونات ا ...


المزيد.....




- -بلومبيرغ-: مسؤول قطري كبير يبيع قصره لأحد أفراد العائلة ال ...
- -فيتش- تعدل النظرة المستقبلية لمصر إلى إيجابية
- سفيرة الاتحاد الأوروبي في كييف تأمل بحصول أوكرانيا هذا العام ...
- “اشتري بسرعة قبل ما يطير تاني” .. أسعار الذهب اليوم في مختلف ...
- فيتش تعدل نظرتها المستقبلية لمصر
- -وول ستريت جورنال-: بوينغ تواجه مشاكل كبيرة في الإنتاج بسبب ...
- -دير شبيغل-: حريق مصنع ديهل الألماني لم يؤثر على إنتاج أنظمة ...
- النفط يُمنى بأكبر خسارة أسبوعية في 3 أشهر
- ما تداعيات تعليق تركيا علاقاتها التجارية مع إسرائيل؟
- ماسك يحذر من نهاية الدولار الوشيكة


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سلام ابراهيم عطوف كبة - النفط العراقي اليوم .. خطوة الى الامام وخطوتان الى الوراء